الجمعة، مايو 23، 2008

مضى عهد التقية أيها الناس؟؟

مضى عهد التقية أيها الناس؟؟
لمن لا يعلم التقية فهى اعتقاد عند حزب الله كفرع للشيعة الامامية فى لبنان ويعتقد الشيعة أن التقية واجبة لا يجوز تركها إلى يوم القيامة، وأن تركها بمنزلة من ترك الصلاة، وأنها تسعة أعشار الدين، ومن ضروريات مذهب التشيع، ولا يتم الإيمان إلا بها، وليست رخصة في حال الضرورة ، بل هي ضرورة في ذاتها وإنما تكون من مخالفيهم في المذهب.
وتمارس هذه التقية فى كل خطاب اعلامى أو يمكن أن يصل إلى الإعلام ضد أهل السنة بالطبع وهم كمذهب مخالف لأهل الشيعة ويمكنك أن تسمع الكلام الحلو لحسن نصر الله وتحس انك تستمع إلى جمال عبد الناصر فى زمانه والذي استعمل نفس الأسلوب .
كان ذلك فى الماضي قبل أن ينكشف لأهل السنة عقائد أهل المذهب الأخرى خاصة الفرق الباطنية ومنهم أهل الشيعة وقد استخدم هذا الأمر فى الوصول إلى كثير مأربهم .
ما الجديد فى ذلك ؟
الجديد أن السياسة الإسلامية ذات المرجعية السنية قد عادت إلى صوابها وقد وضعت كل فى موضعه وتبين لها أن حزب الله يحمل مشروعا شيعيا فقط وليس إسلاميا ويمكن الرجوع إلى ذلك الحوار الشهير بين الدكتور يوسف القرضاوى حفظه الله وهاشمي رفسنجانى .
ونقول انه أصبح من الواضح أن المنطقة التي تسمى الشرق الأوسط بها ثلاث مشاريع
الأول:- المشروع الصهيوني.
الثاني:- المشروع الشيعي
الثالث :- المشروع السني
والذي ينظر إلى الساحة يرى أن المشروعين الأول والثاني يتعاون ضد الثالث أما المشروع الثالث فظل مخدوعا فترة من الوقت منذ أن قامت الثورة الإيرانية المشئومة وحتى احتلال العراق ، وذاق الإسلاميون السنة الويل والثبور على ايدى إخوانهم الشيعة ، يمكن الرجوع إلى مايحدث لأهل الاحواز المنطقة العربية السنية فى إيران، كما يمكن الرجوع إلى تسجيلات احمد منصور مع الأستاذ يوسف ندا فى حلقات شاهد على العصر ، وما يقوم به شيعة إيران والعراق متحدين معا بالذبح والتهجير والتطهير العرقي يتم حتى الآن فى العراق .
إننا كفرقة سنية تحمل فى جنباتها الخير لكل الناس ولم ولن يكون هذا التطهير أداة لأهل السنة فى التعامل مع المشروعين نظرا لما فى فقه واعتقاد أهل السنة فى الغير ، أما الأدوات الرئيسية للطرفين الاخرين فهو الذبح والقضاء وإقصاء الطرف الثالث .
لماذا هذا التوضيح ؟ .. هذا التوضيح لمن يظن أن حزب الله سيقوم بالنيابة عنه فى محاربة أعداء الأمة الإسلامية ،بل أن المشروع الصهيوني المسيحي العالمي والتى دخلت دباباتهم إلى العراق ووضعت على رأس القوم رجال شيعة يقومون باللازم ، وكما صرح كثير من القادة الإيرانيين أن أمريكا لم تكن تستطيع أن تدخل إلى العراق أو أفغانستان الا بموافقة إيران ، والرئيس الوحيد غير قادة الاحتلال المعلنين الذي دخل المنطقة الخضراء فى بغداد وجلس لمدة يومين وفى رعاية القوات الأمريكية رغم الصخب الاعلامى بين الطرفين أن كلا منهم ضد الآخر .
والمشكلة تكمن أن التشنج فى الحديث عندما يتم توضيح هذا الأمر فعند توضيحه يظن أصحاب المشروع الشيعي أن احد يكشف عورتهم . خاصة أن أهل السنة لا زالوا أقوياء فى مواقع أخرى يعملون على إسقاطها فى أيديهم مثل مصر والسعودية ، وأحب أن أوضح أمرا أن الشيعة احتلوا مصر 120 عاما فى ما سمى بالدولة الفاطمية وطردت هذه الدولة شر طردة من مصر ولن تعود بإذن الله نظرا لان المعرفة الآن وحجم المعلومات مكشوفة توضح عقائدهم الباطنية وان كانت هذه الأساليب نجحت فى عصر كان انتقال المعلومات صعب جدا وتوضيحه أمر أصعب وإثباته أمر فى بعض الأوقات مستحيل عصر البلاط أما الآن فقد تبين الرشد من الغى .
أما علاقة حزب الله بالجهاد الفلسطيني أو إيران بفلسطين فموقع الحقيقة المرفق يشرح لمن يريد أن يفهم الحقيقة ، وما يظهر لنا أن هذه العلاقة تقوم فى إطار معين ذر التراب فى الأعين ، أما الفلسطينيين فهم دفنوا كثير من ضحاياهم فى العراق قتلوا واغتيلوا على ايدى قوات الشيعة الذين ملكتهم أمريكا فى العراق .
على بكساوى
المواقع التالية للاستزادة مما سبق وسأضع بعضها فقط.
1- http://www.haqeeqa.com
2- http://www.moqawama.ws
3- http://www.albainah.net/index.aspx

الأحد، مايو 18، 2008

القاطرة والقضبان


بقلم على بكساوى
تموج الأفكار من هنا وهناك وتزداد التكهنات التي تضع سيناريو لانتقال الحكم في مصر بعد انتهاء حكم حسنى مبارك ، غير أن هذه الأفكار مضطربة نظر لانتهاء عصر الثورة والنصر الذي كانت الحكم السابق يدعي في انه إما حكم ثورة يوليو ضد الاستعمار والملكية ، وحكم الحرب والسلام .
انتهت تلك الشروط ولا يوجد مؤهل للرئيس القادم أو تاريخ صاحب التنظيم في الضباط الأحرار وقائد الثورة أو قائد النصر والحرب والسلام وبين الأخير صاحب الضربة الأولى والأخيرة في الحرب ضد اليهود والآن تغيرت هذه الوجوه فمن سيحكم مصر؟.
ونجد أن الأفكار التي تطرح تريد تغييب الراى العام عن الفاعل الحقيقي وراء وجود هؤلاء حكام لمصر ، فيغيب دور الصهيونية العالمية وكذلك دور الماسونية العالمية ويغيب دور فرسان مالطا والروتارى والليونز وحكومة العالم الخفية والتى لا يعرف عنها الا القليل والتى قال عنها المفكر العراقى محمد احمد الراشد في حديث عن النظام العالمي الجديد أن من بين أعضاءها هنري كيسنجر والرئيس السابق جيمي كارتر وسطوتها إلى درجة انه عندما قال هنري كيسنجر في فرنسا في تصريح علني عن الحرب العراقية الإيرانية انه يجب على هذه الحرب أن تتوقف فعلا فقد توقفت بعد شهر واحد من حديثه .
وتلك الأفكار سواء بقصد أم بدون قصد تعيش في الظاهر لنا مثل الدور الامريكى في توجيه القاطرة المصرية في اتجاه معين وهذه الإدارة مع من ضد من وهل الإدارة الأمريكية بقادة الجمهوريين أفضل أم الديمقراطيين هل اوباما له معنى في حياتنا أم هيلارى كلينتون ، وما زال الوعي الاسلامى والعربي والقومي واليميني واليساري بما هو مؤجل لهم ويحاك لهم من قوم لا يخافون لومة لائم .
لقد كانت كلمات الدكتور زغلول النجار في حوار معه على موقع نافذة مصر عندما قال أن الوضع سيئ جداً وينبئ عن خطر كبير، وأتوقع أن تكون الفترة القادمة معتمة جداً ، وكانت كلمات كوندليزا ريس في لبنان عندما قامت حرب ولا ندرى ما هي في لبنان تكلمت عما تسميه أمريكا الشرق الأوسط الجديد ولا احد يفهم ما هو هذا الشرق الأوسط الجديد وما هو الجديد فيه وتزيد من الغموض غموضا.
إن الشكل الذي ينتهي فيه النظام في العراق إلى دولة غير مركزية ومشتت شمالها عن جنوبها عن وسطها لا تستطيع حكومتها أن تخرج إلى خارج المنطقة الخضراء في بغداد والتى يتم قصفها وتدك كل فترة وانتهاء الحقبة العراقية إلى دويلات جديدة مضطربة هذا الشكل الذي وضعه النظام العالمي الجديد بدقة وليس عدم سيطرة أو قدرة للقوات الأمريكية كما يدعى البعض بل هو قرار مصنوع ، وان يترك حزب الله في لبنان وان يصل إليه السلاح المتطور إليه فقط دون أهل السنة في لبنان وان يتم الادعاء أن هذا الحزب يحارب إسرائيل لتحرير لبنان والسلاح معه لهذا السبب ، وان يكون هذا الحزب هو المقاوم الوحيد ، وان يترك لبنان بدون رئيس وبدون حكومة تستطيع اتخاذ قرار وبدون سيادة فهذا أيضا مطلوب ، وإذا انتقلنا إلى الصومال فلا نجد دولة ، وإذا نظرنا إلى السودان فسوف نفشل في أن نجد شعب موحد على رأى وكلمة كتلك التي في الغرب فالسلاح ضد الحكومة في الشمال والجنوب والغرب والشرق ويصل إلى العاصمة ،
إن كلمات لمحمد حسنين هيكل في الجزيرة عن القطار انه ليس هناك قضبان أصلا وان القضبان قد انتهت فمن سيكون عليه الدور ياترى ،،،،، وماذا سيصنع القطار عندما يسير بدون قضبان اعتقد انه سيصنع الفوضى الخلاقة.

الرئيس والزعيم


بقلم فهمى هويدى


كما أنه ليس كل من ركب الحصان خيالاً ، ولا كل من لبس العمامة إماماً ، فليس كل رئيس زعيماً ، ولكننا فى العالم العربى درجنا على الخلط بين الاثنين ، واعتبرناهما شيئاً واحداً ، حتى أصبح إعلامنا يتحدث عن كل رئيس باعتباره زعيماً ، ويصف كل لقاء بين رئيسين أو أكثر بأنه مباحثات بين الزعماء ، وهذه مبالغة مسكونة بالتغليط ، أعتبرها من إفرازات زمن الادعاء وتآكل المعنى ، وتغطية خفة الأوزان بالنفخ فى الألقاب .

وقبل أن أعرض ما عندى فى الموضوع ، فإننى أحذر من إساءة الفهم ، حتى خطر لى أن أستهل كلامى بعبارة " الخبثاء يمتنعون " ذلك أن أكثر ما يعنينى فى الأمر هو ضبط المصطلح والتدقيق فى مضمونه ، ولا أستبعد أن يكون ذلك الحرص متأثراً بالحاسة التى نمت عندى حين أمضيت أكثر من عشر سنوات سكرتيراً للتحرير ، كان من بين مهامه أن يدقق فى مضمون الخبر وسلامة صياغته ومفرداته ، وهو ما جعلنى أستشعر وخزاً واستنفاراً كلما وقعت على خطأ مهنى أو لغوى فيما تنشره الصحف ، وكان ذلك الخلط المستمر بين مصطلحى الرئيس والزعيم من بين ما يستوقفنى بصفة تكاد تكون يومية .

فى كل مرة كنت أتذكر كلمات شيخنا محمد الغزالى حين قال لى إنه قرأ ذات مرة فى إحدى الصحف خبراً عن لقاء وزير خارجية إحدى الدول الخليجية مع وزير الخارجية الأمريكى ، وذكرت الصحيفة أن الوزير قابل " نظيره " الأمريكى ، وهو ما أضحكه ودفعه إلى التساؤل ، بأى معيار اعتبروه " نظيره " ووزن أحدهما ألف ضعف وزن الآخر ؟

هذا السؤال كنت أردده كلما طالعت خبراً عن تصريحات الزعيم أو لقاء الزعماء ، إذ كنت فى كل مرة أقول : بأى معيار اعتبروهم زعماء ؟ حكام ورؤساء على العين والراس ، لكن زعماء لا !

فى المعاجم : فإن الرئيس هو سيد القوم وصاحب الأمر فيهم ، أما الزعيم فهو القائد ، وهو أيضاً الكفيل ( فى النص القرآنى : وأنا به كفيل ) - وفى بلاد الشام فإن الرئيس اعتبر رتبة عسكرية تعادل النقيب ، والزعيم رتبة أيضاً تعادل العميد .

الفرق بين الرئيس والزعيم كبير ، لذلك فليس كل زعيم رئيساً ولا كل رئيس زعيماً ، وقلة من الحكام هم الذين جمعوا بين الصفتين ، رغم أن رؤساء كثيرين تمسحوا فى الزعامة فى حين أن الزعيم يظل محتفظاً بثقفه وحضوره فى أى موقع .

الرئيس وظيفة ، فى حين أن الزعيم رسالة ودور ، الأول يمشى على الأرض وغارق فى الواقع ، بينما الثانى يظل مشغولاً بالحلم ومشدوداً إليه ، والرئيس يملك سلطاناً يفرض به إرادته على الناس ، أما الزعيم فإنه يملك قوة معنوية يؤثر بها على الآخرين ، والأول مسنود بقوة القانون والدستور ، والثانى مسنود بقوة المجتمع وثقة الناس ومحبتهم ، والأول لحظة فى التاريخ ، أما الثانى فهو إن لم يصنع التاريخ ، فإنه يحفر اسمه على جدرانه ، والرئيس إذا ترك منصبه يتحول إلى فرد عادى كسائر الناس ، أما الثانى فهو يظل فى قلوبهم ومحمولاً على أكفهم طول الوقت .

والأول يحتاج دائماً إلى كرسى الرئاسة لكى يجلس عليه ، أما الثانى فليس بحاجة إلى كرسى إذ تظل قامته كما هى ، بالكرسى أو بدونه .

من الرؤساء من يشغلون مناصبهم ثم يغادرونها ، ولا يذكر الناس لهم إلا أنهم كانوا جزءاً من جغرافية المكان ، أما الزعماء فإنهم يظلون جزءاً من التاريخ أثناء شغلهم للمنصب أو بعد مغادرتهم له ، لذلك فإن الرؤساء يموتون بمضى الوقت ، فى حين أن الزعماء يظلون أحياء طول الوقت ، فالأولون لهم مدة للصلاحية ، طالت أم قصرت ، أما الآخرون فصلاحيتهم ممتدة بطول الزمن .. والله أعلم .

الاثنين، مايو 12، 2008

مستقبليات الحكم فى مصر



بقلم هشام الناصر

1 – تاريخ مصر فى موجات
ما هى احتمالات الحكم القادم فى مصر الذى أصبح وشيكا واقرب مما يتوقع المتفائلون والمتشائمون سواء بسواء ؟؟؟.
وهى احتمالات وليست خيارات. فالخيارات تعنى الاختيار من عدة بدائل متاحة بعد تقييمها. ولكن الإختيار هو نوع من الترف لا تملكه الشعوب المتخلفة (Under Development) التى لا تملك سوى الانصياع لحكم اتوقراطى مشخصن أو لاستعمار داخلى (Internal Colonialism) أو لاستعمار خارجى بأشكاله المتنوعة (عسكرى – اقتصادى – سياسى).
والشعب المصرى "متهم" أو "موصوم" بأنه أعرق شعب مستعبد فى التاريخ وأطول مستعمرة شهدها العالم نظرا لموت الدولة الوطنية سريريا منذ العام 950 ق.م (احتلال القبائل الليبية لمصر) وطبيعيا فعليا منذ العام 334 ق.م (الاحتلال الإغريقى) حتى الآن فى العام 2008 ميلاديا (!!) مرورا بعصر الجمهوريات الثلاث التى تنوعت فيها أشكال الحكم الأوتوقراطى المشخصن بأنواعه الثلاث، المستبد العادل – الديماجوجى (بهلوان السياسة) – المتعنت المتشدد بترسانة قوانين تسن تفصيلا لترسيخ سلطته وتعضيد سطوته.

وقد حاول المفكر المصرى الراحل الشهير "جمال حمدان" تفنيد تلك النظرية فى كتابه "شخصية مصر" فلم يزدها إلا تأكيدا.

لذا لم يكن غريبا أن يتقول "المقريزى" على مصر والمصريين بقوله إن النساء فيها "لعب" والرجال "خشب" والحكم لمن كلب (غلب) . فهل هذا صحيح ؟؟؟؟

لا يجب أن تتسبب "الشوفينية" (النعرة الوطنية) فى الإنكار التام الغير مبرر، ولا يجب أن تتيه العقول وسط ضباب ودخان "المخدرات التاريخية" الزائفة التى فاقت حروب الأفيون فى الصين (على غرار نصر "مجدو" التاريخى الذى ثبت زيفه – وقيام الشعب المصرى باختيار "محمد على" وليا عليه ، وقد أثبت الأستاذ "هيكل" ثانويته وكذا "الجبرتى" فى تاريخه – ونصر أكتوبر المجيد (!!!) والسيادة على سيناء ومنها "طابا"، وهى أكبر كذبة فى التاريخ وأكبر خدعة أيضا والأهم أنها أكبر وأغرب سرقة لأثمن ما يمكن أن يمتلكه شعب وتعتز به أمة – وهى سرقة "دم" أريق وأجساد وعظام ضباط وعسكر ومدنيين استشهدوا على رمال سيناء وإصابات وإعاقات جرحى المعارك الحربية وشرف وكرامة المؤسسة العسكرية المصرية (وقد سبق التفصيل فى عدة مقالات).

ما حدث فى مصر هو "موجات" تاريخية، منها الصاعد المزدهر ومنها الهابط المنحدر، والتى بدأت منذ خمسة الآلف سنة تقريبا (وليس سبعة آلاف كما يتغنى البعض فالدولة المصرية لم تتشكل إلا فى العام 3300 ق.م وقبلها لم يكن هناك سوى تجمعات حضارية من "الخرطوم" إلى "تخوم الإسكندرية").
لا داعى للبدء من عصر "نعرمر منا" ، وللاختصار تكون البداية من موجة الانحدار منذ العام 950 ق.م التى استمرت حتى القرن السادس الميلادى (الفتح الإسلامى) بطول زمنى حوالى ألف وخمسمائة عام منذ الموت السريري ، وحوالى الألف عام من الاحتلال والإذلال (إغريقى – بطالمى - رومانى غربى – رومانى بيزنطى) ساهم فى امتدادها الطبيعة المسيحية "السمجاء" للشعب المصرى التى تم تحويرها لتعضيد الاحتلال وترسيخ الإذلال. فقد لطم الغزاة المستعمرون مصر والمصريين على خدهم الأيمن فأداروا له الخد الأيسر والقفا والمؤخرة أيضا.

وفى نهاية تلك الموجة لم يكن هناك فى مصر سوى نوعان .. عبيد اغلبية وبشموريون منتفعون أقلية (الهجين من قبط مصر ومسيحى جزر البحر المتوسط وأوربا).

بدأت موجة صعود (ازدهار) مع عصر الخلافة الرشيدة وتحققت الحرية بمحوريها (العدالة الاجتماعية والحرية السياسية). كان الخير كثيرا والرزق وفيرا وهو ما تجلى فى إجابة "عمرو بن العاص" على رسالة أمير المؤمنين – عمر بن الخطاب (رضى الله عنه وأرضاه) التى حملت كلمات قليلة هى: " أمَّا بَعْـد: فوا غوثاه... وا غوثاه... والسلام ". كان الرد (وهذا من قول الشيخ "عائض القرنى" فى دفاعه عن المصريين ضد هجمة مغرضة) : لا جرم (!).. والله لأرسلن لك قافلة من الطعام أولها عندك في المدينة وآخرها عندي في مصر .
وجاد المصريون بأموالهم كما يجود الصادقون مع ربهم، وبذلوا الطعام، وحملوا الجمال وذهبت القافلة تزحف كالسيل، وتسير كالليل، تحمل النماء والحياة والخير والرزق والعطاء لعاصمة الإسلام.

ودعا لهم عمر ، وحفظها التاريخ لهم حفظاً لا ينساه أبد الدهر.

أما الحرية السياسة فقد تجلت فى مواقف عدة منهما حق القصاص للشاب القبطى (الذى لم يسلم وأستمر على مسيحيته) من أبن عمرو بن العاص وأبيه (ومقولة عمر بن الخطاب مشهورة .. أضرب ابن الأكرمين). أما الموقف الثانى فهو خروج أهل "مصر" مع من خرج إلى "عثمان بن عفان" محتجين على ولاة "بنى أمية" وكانوا وأهل الكوفة من أشد الناس اعتراضا (بغض النظر عما حدث بعدها من مقتل عثمان – فالمعنى المقصود هو وجود "الحرية" السياسية للشعب المصرى وحقه فى التعبير الإعتراض).

ومن الصعود إلى الانحدار التدريجى حتى زمن المستنصر بالخلافة الفاطمية، حينما شح نهر النيل، وجاء بماء قليل، فهلك الزرع وجف الضرع، وتمكن من الرقاب عزرائيل، وفيها أكل الناس الفئران والجرذان، وحتى الضعيف من بني الإنسان، ولم يفرق حاصد الموت بالعطش والجوع، بين ترف المدن وفقر النجوع، أو بين جليل وحقير أو غني وفقير، ولم يعد حينذاك تفريق ولا تمييز، بين الذليل منهم والعزيز، فصار الجميع يتقاتلون ويتصارعون علي الحشرات والرمم والجيفة، ولم يتبق بالمحروسة ما يمشي علي أربع .. إلا حمار يركبه الخليفة. وهو الأمر الذى يتكرر الآن أو يكاد فى العصر الحديث عملا بفكرة (أو نظرية) "قولبة التاريخ" (History Template).

وهكذا دواليك.. موجات صعود (منها الإنتصار تحت قيادة "صلاح الدين الأيوبى" فى معركة حطين ، وقيادة "قطز" فى عين جالوت ، وقيادة "جمال عبد الناصر" فى معركة تأميم القناة وحرب السويس وثورة التصنيع وبناء السد العالى) – مع ملاحظة أن العصر الناصرى يصنف كحكم اتوقراطى (المستبد العادل) وزلاته أعظم من إنجازاته ومنها : تعيين الصاغ عبد الحكيم عامر قائدا للجيش الذى أداره بطريقة عمدة كفر أو نجع (حسب تعبير الدكتور مراد غالب) وكانت النتيجة التورط الغير حكيم فى "اليمن" وانتكاسة 1967 – ومنها "قتل" الشهيد المثقف "سيد قطب" – ومنها وأخطرها تعيين "أنور السادات" نائبا له- وكان فى هذا توقيعا لصك موته (!!).

وهناك أيضا موجات هبوط متتالية ومتعاقبة وصل الانحدار فيها إلى درجة أن تولى حكم رجال مصر "الفحول" جارية أرمينية وممرضة مالطية وليدى "ماكبث" من أصول اسكتلندية، وأكثر من "كافور" خصى وجاهل امى لا يفقه شيئا فى تاريخ ولا فى جغرافيا.
أنحدر الحال بمصر حتى باتت لا تعرف أين حدودها الدولية (!!). فالحدود هى الإطار المحدد للسيادة وحينما تنعدم السيادة فلا حدود.

ومن بين ظلمات موجات الانحدارات المتتالية يأتى ضوء موجة الصعود للازدهار .. موجة مبشرة بعودة الكرامة .. موجة مبشرة بعودة مصر إلى مصر (!!) .. وبعودة مصر إلى المصريين .. وبعودة مصر إلى محيطها الإفريقى والعربى .. والأهم هو عودة مصر إلى زعامة العالم الإسلامى "السنى" وهو أمر حتمى قدرى من المؤكد أنه سيعود إن لم يحظى بشرف إعادته الأجيال الحالية فسيحظى بهذا الشرف أجيال قريبة لاحقة.
إنه أمر القدر الذى لا راد له .

أخطأ "فرنسيس فوكوياما" فى أطروحته النى جاءت تحت عنوان "نهاية التاريخ وخاتم البشر" وفيها انحاز إلى رأى "هيجل" الذى توقع انتهاء صراع العقائد بسيادة الفكر الليبرالى المعتمد أساسا على حرية الفرد الذى يؤدى إلى حرية المجتمع (بعكس "كارل ماركس"). ولكن الليبرالية ذاتها تحورت وتوحشت إلى ما يسمى "النيوليبرالية" التى أهملت الجوانب الأخلاقية وقامت بتأليه "السوق" الذى جعلته الصنم الذى يتم عبادته فى أدبيات الإقتصاد الحديث فى عصر العولمة.

"فوكوياما" اليابانى الأصل الأمريكى الجنسية كان ساذجا سياسيا يعيش فى مثاليات أقبية الأكاديميين. عبر "صموئيل هنتنجتون" عن الفكر الغربى المسيحى الكاثوليكى والبروتستانتى" (وليس العلمانى كما يدعى) بأطروحته التى جاءت تحت اسم "صدام أو صراع الحضارات" وهو اسم خاطئ – فالحضارات لا تتصارع وإنما الثقافات – والعقيدة هى المصدر الرئيسى للثقافة .. إذن فصحة الأطروحة هو "صراع العقائد" أو "صراع الأديان".

عنوان أطروحة "فوكوياما" صحيح .. "نهاية التاريخ وخاتم البشر" – ولكن المحتوى فاسد غير صحيح لسبب بسيط وهو اعتماد السيد "فوكوياما" فى دراسته على عقائد أنبياء الغرب الماديين (هيجل وماركس) وأغفل دراسة عقائد أنبياء الشرق الدينيين ومنها وأهمها العقيدة الإسلامية التى يعتنقها ثلث سكان الكرة الأرضية.

نهاية التاريخ ستكون "إسلامية" وما يظهر من هجمات شرسة من الغرب الصهيومسيحى ومن الانحدار الحاد فى حال الشعوب الإسلامية يماثل تماما حالة "الصعود الأخير" فى الموجة الصاعدة التى يعقبها الهبوط - وحالة "الهبوط الأخيرة " فى الموجة الهابطة التى يعقبها الصعود – وهى أمور يعرفها جيدا العاملون فى الشئون المالية والاقتصاد والسياسية والعسكرية كتطبيقا لنظرية "موجات إليوت" (تم تناولها فى مقال سابق).

يلى الجزء الثانى ..."هل يحكم مصر ملك يهودي ؟؟"
هشام الناصر
الخميس 1 مايو 2008


مستقبليات الحكم فى مصر (2)
هشام الناصر
* * * * * * * * * *
2 – هل يحكم مصر ملك يهودي .. ؟؟

تعتبر "المستقبليات" أو "علوم المستقبليات" من العلوم المستحدثة ( وتصنف كعلم مخلق من مجموعة من العلوم الطبيعية أو العلوم المخلقة الأخرى) وسيكون تأثيرها فى القرن الواحد والعشرين مماثلا (إن لم يكن أكبر وأعظم) من تأثير "بحوث العمليات" (Operation Research) فى مجريات الحرب العالمية الثانية.

وتهتم "المستقبليات" بأهم أساسيات عملية "صناعة القرار" وهى علاقة السببية (Cause effect relationship) أو العلاقة بين المقدمات والنتائج (Premises and Conclusion) فى نطاق زمنى يمتد من الماضى إلى الحاضر إلى استشراف المستقبل.

يحاول العاملون فى "المستقبليات" الإجابة عن أسئلة منها : ماهية العلاقة الإرتباطية بين ما حدث فى الماضى (كمقدمات) وبين الأوضاع الراهنة أو الحاضرة (كنتائج). وما هى نتائج ما يحدث حاليا فى الحاضر وفى الماضى القريب (كمقدمات) فى المستقبل القريب والبعيد. وكيف يمكن صناعة "مقدمات" حالية للوصول إلى أهداف مستقبلية مأمولة ومنشودة. وكيف يمكن إفساد مقدمات حالية لمنع الوصول إلى نتائج غير مرضية (أو مؤذية).

الطريف فى الأمر أن القاعدتين الحاكمتين فى تحديد العلاقة بين المقدمات والنتائج مأخوذتان من قاعدتين ترجعان لأيام الفلسفة اليونانية القديمة (Modus ponens– Modus tollens).
فإذا كانت مقدمات (أ) تؤدى إلى نتائج (ب) فإن هذا لا يعنى أن عدم وجود (أ) يعنى بالضرورة عدم وجود (ب) والصحيح إن عدم تحقيق (ب) يعنى عدم وجود (أ).
أرباب "السياسة" الحقيقيون (ونحن نفتقدهم فى السلطة الحالية للجهالة وعدم التأهيل وعدم المقدرة أيضا) مطالبون بحسن توصيف وتصنيف المقدمات والنتائج ومعرفة العلاقة الإرتباطية فيما بينهما لصناعة المستقبل أو على الأقل لدرأ مخاطره.

الإسهاب فى الحديث التفصيلى عن "مسببات" النتائج الحالية (المزرية) وكذا "النتائج" المستقبلية المتوقعة لمجموعة المقدمات الحالية (المفزعة) يحتاج إلى فريق عمل ومجموعة مقالات (إن لم يكن كتاب) وهذا خارج نطاق المقال.

لا يختلف اثنان فى أن الغيبوبة "الشعبية" والسلبية فى مصر كانت من أهم أسباب الحكم الأوتوقراطى المشخصن كنتائج - الذى تطور أخيرا وفى ظل مزيد من الغيبوبة والسلبية إلى أشرس أنواع الاستعمار الداخلى (هيمنة فئة على مقدرات وموارد البلد بأكملها) وهو أيضا تكرار تاريخى (قولبة تاريخية) لمجتمع النصف فى المائة . والنتائج يمكن أن تكون مقدمات لنتائج تالية وهو ما تحقق من كون الحكم الأوتوقراطى المشخصن أسبابا (مقدمات) لنتائج الفقر والجوع والمرض والجهل والانحلال الذى تعيشه الأمة المصرية وهو ما سيؤدى بالتالى إلى نكبات مستقبلية لا يعلم مداها وفداحتها إلا الله ومن عنده علم من الكتاب.

بالنسبة لاحتمالات الحكم القادم فى "مصر" الذى بات قريبا تطبيقا لمقولة الفيلسوف المغربى (محمد عابد الجبرى) فيما يسمى بالحل البيلوجى – فإنه لن يخرج عن احتمالات ثلاث :
حكم اتوقراطى مستنسخ ، حكم ملكى يهودى ، جمهورية إسلامية بقيادة الإخوان المسلمين.
1 – الاحتمال الأول هو إستمرار الحكم الأوتوقراطى بنسخة معدلة تجمع بين المستبد العادل والديماجوجى والمتعنت المتشدد.

فى هذا الاحتمال ستقوم السلطة الحالية بإستنساخ نفسها بجزء منها (!!). هدف السلطة الحالية ليس الاستمرار فى الحكم بغرض المزيد من المكاسب فما جنته فى "ثلث قرن" ويزيد كثير وأكثر من الكثير. هدف السلطة الحالية هو الإفلات من "الحساب" وحتمية "العقاب" وهذا لن يتأتى إلا باستمرارها، وهذا من المحال لانتهاء العمر الإفتراضى لرأس السلطة ، ومن ربع المستحيلات بالنسبة لولى العهد المنتظر الذى يفتقد إلى أى شرعية حقيقية أو زائفة تؤهله حتى لمنصب رئيس وزراء ويضاف إلى ذلك أن مشروع تولى "ولى العهد المنتظر" زمام السلطة سيزيح الغطاء الأخلاقى من على أجساد رموز سيادية فى أركان الدولة الأمر الذى سيجعل منها "مضحكة" أمام نفسها ومرؤوسيها (!!) – فتلك الرموز توهم أو تخدع نفسها بشرعية زائفة للسلطة الحالية هى أول من يعلم بضعفها وزيفها ولكن أن تحاول تخليق شرعية أو تبرير شرعية لولى العهد القادم فهذا محال حتى لو أرادت (!!). أما الأهم فهى المنظومة الأمنية الحديدية التى تحمى السلطة الحالية والتى لن تتوافر بنفس إمكانياتها لولى عهده وهو الأمر الذى يرفع احتمالية تكرار القالب التاريخى "لخريف الغضب" (!!!!).

السلطة الحالية ستعيد تكرار الاتفاق التاريخى الذى عقدته مع السلطة السابقة (مع اختلاف الظروف). العائلة الحاكمة السابقة خرجت بهدؤ دون فتح الملفات السياسية والمالية وبعد خروجها بسنوات عاد عميدها الشاب بالمليارات ليرأس مجلس إدارة شركة الاتصالات المصرية الجديدة (أثير الأمر فى البرلمان المصرى وسرعان ما أخمد فى مهده).
ستقوم السلطة الحالية (والسلطة المرشحة) باحتواء أزماتها المتشعبة الحالية.

الأزمة الأولى والرئيسية هى فورة وهبة الشعب "الجائع" الغاضب. فالحرية السياسية قد تكون ترفا لبعض الشعوب أما "الخبز" فهو الحياة للكل .. هو "العيش". أساليب الاحتواء كثيرة ومتعددة وتتراوح بين سيف المعز وذهبه (العصا والجزرة) - منها المزيد من القمع والتخويف وخاصة للكوادر النشطة وللرموز القيادية باستخدام المنظومة الأمنية المتغولة المتوحشة، ومنها التلويح ببعض الفتات لقطعان الشعب الجائع كما حدث أخيرا فى الإعلان عن زيادة رواتب العاملين بالحكومة بمقدار 30% رغم أن الزيادة فى السعار تجاوزت 200%، يضاف إلى ذلك أن الزيادة ستكون على أصل الراتب المتهالك أصلا بسبب هيكل الأجور الإشتراكى (!!) فالنظام تحول للرأسمالى ومازالت الأجور اشتراكية !!!!. ومن ثم فالزيادات المتوقعة ستكون من 10 جنيهات إلى 150 جنية (2 دولار – 30 دولار) وهو ما يماثل (حسب رأى أحد المدونين الساخرين) من ربع كيلو إلى أثنين كيلو ونصف من اللحم البلدى الطبيعى وليس من لحم "الحمير" الذى زاد انتشار أكله بين "المستحمرين" فى ظل "المستعمرين" – فلا استعمار (داخلى أو خارجى) إلا بالإستحمار.

الأزمة الثانية التى تواجه السلطة الحالية (ومعها السلطة المهجنة) هو انحسار الدور الذى ارتضته السلطة المصرية منذ الجمهورية الثانية وهو دور "السمسار" أو "الوسيط" الأمر الذى يحولها إلى عبء لا نفع من وراءه (الأمر الذى يخالف المنطق الغربى الخاص بالعائد والتكلفة) .

وقد ظهر فزع وهلع الإدارة المصرية من محاولات الرئيس الأمريكى "جيمى كارتر" لعب دور الوساطة بين الفلسطينيين (بقيادة حماس) والكيان الصهيونى الأمر الذى يسحب البساط من تحتها ويفقدها دورها ومورد رزقها (!!).

الجدير بالذكر أن السلطة السياسية لحماس أجادت اللعب على المتناقضات. فهى تعرف جيدا موطن ضعف السلطة المصرية الحالية ومن ثم أرسلت لها رسالة لم تكن خافية عن المراقبين – تمثلت فى الموافقة المبدئية على مشروع "كارتر" والتلميح بإبداء التعاون معه – ثم فجأة وبالدوران بزاوية 180 درجة أعلنت عن مباركاتها لمجهودات الوساطة المصرية – وأختفى "كارتر" واختفت أيضا اللهجة العدائية لمنظرى السلطة المصرية ضد حماس وأهل "غزة" ...

هناك مجموعة من البدائل يتم دراستها فى مطبخ صناعة القرار – وهناك بالفعل من يتم تلميعه وتجميله ولن تكون المفاجآت كبيرة إن تحقق هذا الاحتمال.

السلطة القادمة لن تكون ديمقراطية كما يأمل الشعب المصرى ففسائل أشجار "الدوم" لا تنبت عنبا ولا تينا. فالأوتوقراطية لا تنبت إلا أتوقراطية.

ستحاول السلطة القادمة أن تبدأ بالأعمال الخيرة أى نفس سمات النوع الأول من الحكم الأوتوقراطى (المستبد العادل). وأمام ميراث ثقيل من معاهدات الإذلال وفقدان السيادة على الجانب الخارجى، وطوفان متراكم من فساد مالى وإدارى على المستوى الداخلى ستستمر السلطة الجديدة فى الكذب والإخفاء وإيهام الشعب بالسيادة والحرية وبأن الأمور مائة فى المائة (100%) أى التحول الحتمى إلى الديماجوجية (البهلوانية). ومن منطلق أن الفساد مهما تجمل لن ينبت إلا فسادا فستجد السلطة نفسها أخيرا عاجزة عن الإصلاح وستتراكم المشاكل والأزمات وصولا إلى النكبات (فالأزمات إن لم تحل جيدة تتحول إلى نكبة) ومن ثم ستسن القوانين الجديدة لتواكب المتغيرات إضافة إلى الموروث التاريخى من ترسانة القوانين العثمانية – أى تتحول السلطة الجديدة إلى متعنتة متشددة تتستر بقوانين فاسدة مستمدة من دستور أكثر بنوده بها عوار.


2 – الاحتمال الثانى قد يبدو لأكثر المهتمين بعيد المنال رغم انه وارد الاحتمال وهو عودة البلاد إلى الحكم الملكى لأسرة محمد على.

فالملك الشرعى الذى أغتصبت الثورة السلطة منه هو "أحمد فؤاد" – وهو ملكا لقيام والده الملك فاروق بالتنازل له يوم 26 يوليو 1952 قبل رحيله خارج البلاد (ولم يكن قد بلغ العام الأول بعد – فجلالته من مواليد 1951) ثم خلعته الثورة فى يونيو 1953.
تزوج الملك الأسبق "احمد فؤاد" من يهودية يقال أنها من أصول مغربية تدعى "'دومينيك فرانس بيكار" ثم قامت بتغيره إلى اسم "فضيلة" . انفصل أحمد فؤاد عن زوجته بعد سلسلة فضائحية شاهدتها المحاكم وتناثرت فيها أقاويل عن عدم نسب بعض أولاد جلالة الملك إليه (وقد تحدث الأستاذ "أنيس منصور" فى هذا الموضوع تلميحا بمقال له بالشرق الأوسط الدولية).
المثير فى الأمر هو سعى الملك الأسبق "احمد فؤاد" وأسرته إلى الحصول على موافقة الرئاسة المصرية (السادات) على أن تتم عملية ولادة احد أبناءها فى "مصر" (وقد تمت الولادة بالقاهرة وتمت تسميته "بمحمد" ) ولذا فمن المؤكد انه يحمل شهادة ميلاد مصرية وجنسية أيضا – أى كل المؤهلات التى تضفى الشرعية على توليه ولاية العهد عند إعادة تنصيب أبيه ثم توليه العرش بعدها بقليل.
ولن يكون الأمر غريبا أو عجيبا فهذا هو التطور الدرامى لتاريخ طويل من "إستحمار" الشعب المصري – بدأ بولاية أهل "مالطا" ثم "ويلز أو اسكتلندا" وأنتهى باليهودية – وهذا أقل ما يستحقه شعب أتسم أو كان يتسم بالخنوع والسلبية.
السيناريو تم إعداده كأحد الاحتمالات ومجموعات العمل والوسائل والتبريرات والغطاء الأخلاقى جاهزة للتنفيذ. الشعب المصرى الغاضب يستمر فى الغليان والهبات والانتفاضات. المؤسسة الأمنية الغبية لا تملك سوى سلاح القوة الغاشمة للردع والتنكيل. القيادة السياسية أعجز من أن تقوم بحل مرضى فهى لا تقدر حتى لو أرادت (!!). المظاهرات والتجمعات تنتقل من الأقاليم إلى البيت الزجاجى للبلاد ..إلى العاصمة "القاهرة". وحشية الجهاز الأمنى تتصاعد من الضرب بالعصى المطاطية والخيزران إلى استخدام قنابل الدخان والرصاص المطاطى والرصاص الحى (كما حدث فى المحلة الكبرى). المتظاهرون يتذكرون حكمة طارق بن زياد "البحر من وراءكم والعدو أمامكم" – فهو إن سكت مات جوعا وإن تظاهر ضرب وقد يقتل وإن قبض عليه فستنتهك رجولته ويفقد فحولته فلا مناص من المقاومة والرد بالمثل و"يا طابت .. يا أثنين عور (!!!)" – فيرد بالطوب والحجارة وقنابل الدخان الملقاة عليه على أجهزة الأمن السافاكى. ميليشيات المرشدين والمجرمين المحترفين المستأجرين أو المدفوعين بواسطة وحدات المباحث ستنضم للغوغائيين المندسين وسط المظاهرات وسيتم افتعال الكثير من الأحداث الدامية على غرار "حريق القاهرة" فى يناير 1952. هناك عدة خطط لتأمين البلاد منها ما هو تابع للمؤسسة العسكرية ومنها التابع لمؤسسة الشرطة ومنها وهو الأهم ما هو تابع لفرع الإدارة الأمريكية بالقاهرة والإسكندرية (!!). من العادى أن تتواجد "السى اى إيه" فى مصر ولكن ما هو غريبا هو تواجد "الإف بى اى" والعديد من أفرع مؤسسات حكومية وحزبية أمريكية (ولا مزيد ....).
الفوضى فى مصر قد يتم تفعيلها وإذكائها ويكون الحل كما حدث فى بلاد الأفغان هو عودة الملك الشرعى المغتصب عرشه للبلاد ... جلالة الملك احمد فؤاد وولى عهده اليهودى (!!!).
ليست مصادفة أن يتم تلميع صورة الملكية فى مصر فى أحد الأعمال الدرامية (مسلسل الملك فارق) بطريقة جعلت البعض يشفق على الرجل ويتعاطف معه. وليست مصادفة أن يتم تسويق المسلسل على أقراص مدمجة وبأسعار مغرية حتى بعد انتهاء عرضه المتكرر على عدة قنوات ومحطات. وليست مصادفة أن يتم ولادة "محمد أحمد فؤاد" فى القاهرة وحمله للجنسية المصرية.
ولا عجب .. ففى بلاد العجب قد يحدث أكثر من العجب ...
3 – الاحتمال الثالث هو أن يتولى الإسلاميون بقيادة "جماعة الإخوان المسلمين" زمام الأمور وتتم إقامة أول "جمهورية مدنية إسلامية" واضحة وصريحة لا لبس فيها ولا تزويق.
والإسلاميون بالعموم والإخوان بالخصوص لا يحتاجون لموافقة سامية من ما يسمى بالأحزاب المصرية الورقية التى أثبتت أنها أكثر وهنا من كونها ورقية.
والإسلاميون لا يحتاجون لصك غفران من أقباط مصر ولا من اى طائفة أخرى. فغير المسلمين لا يشكلون سوى اقل من 6% من مجموع المصريين يمثل الأقباط أكثر من نصفهم بقليل - وقمة الديمقراطية التى يتغنى بها العالم الآن هى ألا تنصاع الأكثرية الساحقة لتعنت الأقلية.
الحكماء من أقباط مصر يعلمون أن خيرهم فى كنف الإسلاميين كمواطنين وليس أقلية أو رعايا وهو ما كان سائدا وسيسود. محاولات اصحاب المصالح الشخصية من بعض أقباط المهجر وعمالهم فى الداخل سيجعل الصراع يبدو أو يأخذ شكل أقلية وأكثرية. أقباط مصر يعرفون جيدا أن عدوهم الأول والأكبر هم البروتستانت (وخاصة المتحررة) أولا والكاثوليك ثانيا. ضحايا مذابح المسيحيين فيما بينهم أكبر وأعظم من معاركهم مع المسلمين حتى فى الحروب الصليبية الذين كانوا فيها معتدين. المثقفون من أقباط مصر يعرفون جيدا زيف التقسيم الذى وضعه "هينتجتون" فى أطروحة صدام الحضارات، فقد ذكر فى تقسيمه أطراف الصراع القادم كالآتى : الغرب والإسلاميون والمسيحية السلافية (روسيا وصربيا) والهند واليابان والصين (الكونفوشية). تقسيم "هينتجتون" ينطبق عليه المثل المصرى العامى "سمك – لبن – تمر هندى" فهو لا يخضع لتصنيف محدد فمنه الدينى ومنه القومى ومنه التكتل العقائدى الفكرى. وليسأل أقباط مصر (الأرثوذكس) أين تصنيفهم فى صراع "هينتجتون" وهل يستقيم جمع الكاثوليك والبروتستانت (وهم أعداء تاريخيين) فى تصنيف واحد هو "الغرب" ؟؟؟؟. الإجابة على السؤال ستحدد لهم معالم الطريق ، وسيعلم العامة منهم وأنصاف المثقفين أن أمنهم وأمانهم فى كنف الإسلاميين – أما الحكماء منهم والمثقفون فلا خوف منهم أو عليهم فهم يعلمون.
سقطت العقائد الفكرية المادية أو العلمانية فى مصر، فلم يعد هناك معنى لتصنيفات القوميين (الناصريين) والإشتركيين (بأطيافهم) والليبراليين. كلها كعقائد نصبت من نفسها بديلا عن الإسلامية قد سقطت فى الاختبار تلو الاختبار. فالإسلامية ليست مجرد منهجية جامدة التحديد بل هى مدرسة منهجيات يمكن تطبيقها (إسقاطها) فى مختلف الأشكال بما فيه صالح البلاد والعباد وبما يتلائم مع الزمان والمكان . فكما قلنا سابقا إن الإسلامية يمكن أن يتم تطبيقها فى الشكل الليبرالى أو فى الشكل الإشتراكى أو فى تزاوج مشترك فيما بينهما فيما يعرف بالطريق الثالث (الاشتراكية الديمقراطية أو الليبرالية المهتمة بالعدالة الاجتماعية – وهو الاتجاه الحديث السائد فى بعض بلدان الغرب الآن). ولكن الإسلامية لا يمكن أن تكون "نيوليبرالية".
من الجدير بالذكر أن هذا الاحتمال وارد فى أجندة الخيارات الغربية (الأمريكية) كبديل عن حالة فوضى لا يمكن إدارتها والسيطرة عليها ، أو كبديل عن تصدير فكر يسارى "معدل" من التجربة اللاتينية وبدعم من تكتل "شنغهاى" ويكون قاعدة متقدمة لحماية المصالح الصينية والروسية فى إفريقيا ورأس حربة نحو الكنز البترولى فى منطقة الخليج، أو للاعتقاد بإحداث توازن "مذهبى" مع المشروع الشيعى الفارسى (فى إيران).
وتوصيف المشروع الإيرانى بالشيعى الفارسى ليس سبا أو ذما بل هو توصيفا ومدحا (!!). فبغض النظر عن الخلافات والتناقضات بين العرب والفرس أو بين السنة والشيعة (وهو ما نراه قابلا للحل والتوافق والتعايش) فإن من أهم أسباب نجاح المشروع الإيرانى هو عدم خلق الصراع والتناقض بين مذهبه الشيعى وقوميته الفارسية فأخذ محصلة زخمهما معا ليصبا فى زخم واحد فى مشروعهما الذى يتنامى ويقترب كثيرا من هدفه بجعل إيران أول دولة "عظمى" فى المنطقة تكون ندا للمشروع الصهيومسيحى – وهذا بعكس الأمة العربية التى خلقت عداوات وصلت إلى حد الاتهامات المتبادلة بين الإسلامية والقومية العربية (بالتكفير من جانب وبالكهنوتية الثيوقراطية من الجانب الأخر).
لم تستمع الأمة العربية لأقوال مثقفيها الحقيقيين (أمثال الدكتور عصمت سيف الدولة) فى تفنيد التضارب بين الإسلامية والقومية العربية وإرساء ما يسمى بالانتماء أو بالولاء المزدوج وبأن العلاقة بين القومية والإسلامية هى علاقة الجزء بالكل وعلاقة المرحلى بالنهائى.
التجربة الإيرانية أثبتت بأنه لا توجد محاذير فكرية أو موانع شرعية تجعل من المرء الواحد أن يكون إسلاميا قوميا اشتراكيا – فلا تعارض فيما بينهم وهذا ما يجب أن يكون.
عموما ... هاهى الأمة العربية تجنى علقم ثمار أعمالها وسوء إداراتها لصراعاتها التاريخية. ولكن من المؤكد أن هناك من تعلم .... ولعلهم الأكثرون.
وختاما يثار سؤال ..
هل هناك احتمال رابع قابل للتنفيذ تم إغفاله فى هذا المقال ؟؟؟؟ - مع التركيز على عبارة "قابل للتنفيذ" – أى بعيدا عن خيالات المتثقفين ومخاوف العلمانيين (الملحدون أكثر منهم علميون) وجهالة أصحاب النوايا الصادقة الذين يحكمون على الإسلامية من التطبيق وليس على أصوله ومن منابعه الأصلية ومن المتنورين.
نرى أن الإجابة هى "لا" أو بالمصطلح الأجنبى (Big No) – وللشعب المصر القرار فى أن يكون أو لا يكون .
ولعل للحديث بقية .....
هشام الناصر
الجمعة 2 مايو 2008