الثلاثاء، ديسمبر 22، 2009

الجزيرة انترناشونال

قال لى زميلى المهندس احمد منصور الخبير الهندسى بشركة بن لادن وذلك اثناء عملى بمشروع برج الفيصلية عام 1998 " ان الذين يعملون فى قناة الجزيرة محترفون ولا استبعد ان الساعى الذى يقوم بتقديم الشاى فى الجزيرة هو افضل ساعى فى العالم " وذلك بعدما بهرتنا جميعا هذه القناة .
وتاكد لى ذلك بعدما التقيت مدير قناة الجزيرة انترناشونال والناطقة باللغة الانجليزية الاعلامى المصري عمرو الكحكى والغير مشهور فى بلادنا العربية لقد سنحت لى فرصة عن غير قصد ان ازور مكتبه الذى يشبه الاستوديو الصغير وبه نافذة كبيرة مطله على كوبرى قصر النيل بالقاهرة , عندما دعانى صديق مشترك لمرافقته فى زيارة عمل له الى مكتب قناة الجزيرة بالقاهرة ، وعلى الرغم من تلك الفلسفة وادعاء الفم التى تستحوذ علينا نحن المصريين فى اوقات كثيرة الا ان السكينة نزلت على كى افهم شىء من متخصصين فى الاعلام .
فقد كان مفاجأة لى ان يكون مدير قناة الجزيرة الناطقة باللغة الانجليزية هو مصرى اعتقد ان الكثير من مشاهدى الجزيرة العرب يعتقدون انه لا بد ان يكون خواجة ، وزاد اعجابى بالرجل عندما تناولنا الحديث عن قصته مع الصحافة والاعلام والممارسة العملية قبل ذلك فى اذاعة لندن ثم قناة ال بى بى سى السابقة والتى بدأت فى اربعة وتسعين تقريبا على الفضائيات ولاعلم لاول مرة ان المملكة السعودية ارادت ان يكون لها ذراع اعلامى عالمى باللغة العربية فقامت بشراء اسم بى بى سى لتخاطب العالم بقناة فضائية عربية وتحمل اسم البى بى سى الشهير
والمحايد فى نظر العرب ولكن لاصطدام السياسة بالاعلام المحترف الحر تم اقفال القناة بعد ان الغت المملكة السعودية التمويل وتنتهى قصة ال بى بى سى القديمة ، واعتقد ان قطر علمت ذلك واستفادت من هذه التجربة الفاشلة للسعودية لتفوز بالسبق فقد كنت اتساءل مع نفسى لماذا جاء هولاء الموذيعون والمحررون فى قناة الجزيرة من ال بى بى سى لقد التقطت قطر الخيط ووظفت فى قناتها جميل عازر وسامى حداد وليلى الشايب وفيصل القاسم واختارت احمد منصور ليمثل فئة غير موجودة فى ال بى بى سى وغيرهم ممن نعرفهم جميعا ولتصبح مكانة قناة الجزيرة العربية الاولى اخباريا الناطقة باللغة العربية واعتقد بلا منافس حتى الان واعتقد ان قطر لم تكن تحلم ان تصبح قناة الجزيرة انترناشونال الانجليزية كما قال عمرو الكحكى قد اقتربت من المركز الاول عالميا وهو يشير بيده الى شعار قناة الجزيرة انترناشونال " انه اخطر شعار لقناة تلفزيونية اخبارية فى العالم الان " وتنتقل السيادة الاعلامية الى يد قطر ؟؟ .
بينما نشرب عصير الجوافة كان هناك تقرير على قناة الجزيرة انترناشونال باللغة بالانجليزية طبعا عن الانتخابات العراقية مع مقيمين فى مصر من العراقيين يقدمة عمرو الكحكى فقام بامساك الريموت ليعلو صوت جهاز التلفاز قليلا فلما انتهى التقرير نبهته بأننى ضعيف فى اللغة الانجليزية وصديقه الذى حضرت معه الى مكتبه قال ان قام بالذهاب الى المعهد البريطانى لتعلم اللغة الانجليزية فلم يقبلوه حتى من اول مستوى فهو اضعف منى بلا شك ، وتناولنا الحديث عن التعليم الذى تعلمناه لم يكن كافيا للتعامل مع المستقبل الا مع بعض الاباء الذين تنبهوا لاهمية اللغة الانجليزية وكنت اتوقع ان يكون مضيفنا متعلما فى مدارس اللغات وفاجأنا انه من مدراس مصر العادية وهو خريج ثانوية الخديوى اسماعيل بالسيدة زينب عام 1983 وبعدها اختار كلية الاداب قسم اللغة الانجليزية لانه كان يحب اللغة الانجليزية لدرجة انه كان يمكنه ان يدخل كلية الاعلام او الالسن والتى كانت وما زالت اعلى مجموعا الا انه كتب رغبته رقم 15 فى كلية الاعلام فى اوراق التنسيق.
عمرو الكحكى ابن مصر والذى يقود هذه القناة العالمية لا نجده فى قناة البيت بيتك او المحور او غيرها ممن تستضيف فى اوقات كثيرة وجوه التضليل الاعلامى المصرى وقيادات تزييف الواقع المصرى وتلوينه باللون المطلوب ليناسب والى مصر وأهل بيته ال.... ولن نجده لوجود كره مصرى للجزيرة ، واننى على الرغم اننى لا اقول ان الجزيرة برئية الا انها نقلتنا جميعا كمشاهدين عرب من مرحلة الصم والبكم الى مرحلة السمع والبصر وافاق جميع قيادات العرب من حكام وقيادات حزبية او قيادات للجماعات الاسلامية على هذه الحقيقة ولم يستطع احد ان يقف فى وجهها، فالسلطة الاعلامية قوة رادعة لاى متسلط على مجموعة من البشر على الاقل ان لم تكن تقضى عليه فانها تضعه عاريا امام شعبه.

ان الاعلاميين المصريين مازالوا كأفراد مؤثرين فى الحياة الاعلامية العربية اذا ذهبوا الى الاعلام الحر على الرغم ان كلا منهم وبرامج الجزيرة الناجحة كانت لها علاقة باحد هؤلاء الاعلاميين ،فقد قال لى عمرو الكحكى انه عندما بدأت قناة بى بى سى العربية القديمة تقدم هو وكل العاملين فى الاذاعة تقريبا للعمل فيها ولكنها اختارت منهم خمسة فقط كان هو واسعد طه صاحب برنامج شهير حصل على اول جائزة فى مهرجان الاذاعة والتلفزيون المصرى وهى جائزة حكومية مصرية رغم الكره الشديد من مسئولى الاعلام لقناة الجزيرة هو نقطة ساخنة ويسرى فودة صاحب البرنامج الشهير سرى للغاية وعمرو الكحكى واخارته هو ويسرى للتغطيات الاخبارية بالتقارير وكانت اول مرة يتم التعامل مع الاعلام ببرامج هى عبارة عن تقاريراخبارية وعندما سألت عمرو عن الفرق بين ال سى ان ان والجزيرة انترناشونال قال ان قناة سى ان ان تعتمد على الاعلام المباشر للحدث وتفرط فى استخدامه وهذا لا يعاد بثه ابدا فى الاعلام ولكن يمكن ان يستفاد فى بعض المشاهد اما التقارير فيمكن اعادتها ليتمكن عدد كثير من الاستفادة منها وهذه مدرسة مختلفة ويقوم عليها عدد من الاعلاميين فيكون الاستفادة منها اكبر من تلك التى تعتمد على المذيع المباشر للحديث الذى يقوم مباشرة بعمل كل شى وحيدا امام الكاميرا.
اما السؤال الذى احسست انه الصعب والذى اجاب عليه بكل جراة وسرعة هو لمن ادلى بصوته فى انتخابات نقابة الصحفيين ؟ الى مكرم محمد احمد ام الى ضياء رشوان فرد على الفور لضياء رشوان ويعلق على ذلك اننا جميعا وفى كل مرة نصوت للرجل الخاسر ، وهو تعبير افهمه على فساد الحالة الانتخابية فى مصر ، والتى لم يصل فيها صوتنا جميعا الى نتيجة ، سواء صوتنا بالانتخاب الحر المباشر ام رفعنا صوتنا امام نقابات مصر ومنها نقابة الصحفيين ام حتى صوتنا بالصوت العالى بالطريقة المصرية.

الخميس، ديسمبر 17، 2009

المسألة الحوثية: خداع (الموضوعية) و(المهنية)

14-12-2009
بقلم د. محمد الحضيف (بايجاز)
كثير مما قيل ويقال.. ويعبر عنه الآن، من وصف للتمرد الحوثي، أو حديث عنه، أو التعبير عن موقف تجاهه.. باسم (الموضوعية) أو (المهنية)، ينطبق عليه وصف (الخداع، والوهم، والتضليل).
ثمة مصطلح توفيقي (مائع)، يكثر استخدامه، في اللغة (الدبلوماسية) خاصة.. للتنصل من مسؤولية أخلاقية، أو موقف مبدئي، ولتسويق الخداع والتضليل.. باسم الموضوعية والمهنية.
في ذلك النوع من (اللغة)، يتم التلبس بمواقف (حياد) فارغة، من أي مضامين قيمية.. تجاه قضايا كبرى، والتظاهر بـ(الموضوعية)، وعدم الانحياز لطرف ضد آخر، باتخاذ موقف، يزعم أنه (وسطا).. ويعبر عنه غالبا، بالمقولة الدارجة: "يمسك العصا من الوسط"..!
أولا.. لا بد من الإشارة، إلى أن (إمساك العصا) من الوسط، نوع من أعمال (الاستعراض)، التي يقوم بها (مهرجون)، على مسرح.. أمام جمهور من المصفقين. لا فرق في التهريج.. سواء كان (المسرح) دوليا، أو خشبة يصطف حولها مجموعة من الغوغاء. الأمر الثاني، لا يوجد في المسائل المبدئية أنصاف حلول، ولا تجوز في القضايا الكبرى، لعبة (إرضاء) كل الأطراف.. ولا سياسة (إمساك العصا من الوسط).
ما قامت به حركة (الإخوان المسلمون) المصرية.. بذريعة (الموضوعية)، في بيانها (المائع)، الذي عبرت فيه عن موقفها من التمرد الحوثي، يمثل أنموذجا هزيلا (استعراضيا)، لذلك النوع من المواقف، في قضية مصيرية، ومسألة وجودية.. بدعوى (إمساك العصا من الوسط). في ذلك البيان، يوجه (الإخوان المسلمون) المصريون، نداء لخادم الحرمين، الملك عبدالله، بوقف القتال، وحقن دماء (الأبرياء)، وانتهاج سياسة الحوار. لن أناقش البيان، من حيث هو تعبير عن موقف (سياسي) عقيم، يكشف أزمة حركة (كبيرة)، مازالت..رغم تاريخها الطويل، تعيش غيابا لـ(الرؤية)، وتتخبط في تحديد أولوياتها، وتخلط القضايا الكبرى، بمواقف حزبية..موجهة لدغدغة عواطف (الشارع) العربي المحبط، الذي يلهث خلف شعارات إيران الصفوية، حول (المقاومة والتصدي لأمريكا والصهيونية).
افتقد البيان لضرورات الخطاب الموضوعي، فلم يتحدث عن تمرد حوثي مسلح، يتوسل بأيدولوجية باطنية، لها نفس طائفي.. لمصلحة مخطط خارجي. غلب البيان كذلك، المصلحة (الحزبية)..بمحاباة إيران، على المصلحة العليا للأمة، فافتقر لرؤية إستراتيجية، تشخص خطر التمدد الطائفي الإيراني..الذي لم يعد خافيا، على نسيج واستقرار المجتمعات العربية، المتجانسة دينيا ومذهبيا. كما كشف عن نظرة ساذجة.. لا تخلو من (قصر نظر) سياسي، إزاء ما تمثله السياسة (الصفوية) التوسعية للنظام الإيراني، في المحيط العربي.. من خطر حاضر وملح، على الوجود والأمن في المنطقة العربية.. بجوهرها العربي، وغالبيتها السنية الساحقة.
يأتي العجب من المواقف المائعة.. تجاه سياسة (الاختراق) الممنهجة لإيران، وتتجلى المفارقة، في سلوك بعض (الإسلاميين)، الذين يتبنون مشروع دولة، برؤية (أممية)، أن سياسة التمدد، وأحلام النفوذ الإيرانية..التي يتسامح معها هؤلاء، تصطدم مع جوهر الفكرة الإسلامية الأممي.. الذي يدعونه. لأنها.. السياسة الصفوية الإيرانية، لا تتحرك بدافع من مصالح اقتصادية، كما هو دأب (الامبرياليات) التوسعية، بل تقوم على عقيدة طائفية (تفتيتية) لدول الجوار، مدفوعة بإحساس قومي (عنصري) بالتفوق.. وتتحرك بوحي من أحقاد تاريخية، تؤزها طقوس دينية مملوءة بـ(الدماء)، ونداءات الثأر، وصيحات الانتقام.. تستدعي من الذاكرة الجمعية، أمجاد أمة كان لها (شأن)، وعظمة إمبراطورية هزمها (العرب).. المسلمون.
لم يسجل (الإخوان) من قبل..ولو إعلاميا، أي موقف من السياسة الطائفية لإيران، التي تجلت بممارسات قمعية ضد الأقليات السنية في إيران، ونشاط مخابراتي إجرامي في العراق، استهدف اجتثاث الوجود العربي السني. كما لم يشر بيانهم مطلقا، إلى دور إيراني، يشعل الحرائق، في شرق الوطن العربي وغربه..ناهيك أن (ينتقد) سياسات (التشييع) والاختراق.. الباطنية الصفوية، لنظام طهران، الذي تعمل آلة حقده الطائفية تدميرا مخيفا، للنسيج الاجتماعي والسياسي، للمجتمعات العربية والإسلامية، وكأن المثال العراقي البشع.. لما يمكن أن يصنعه الاختراق الإيراني، ليس حاضرا وكافيا، ليثير الرعب والهلع، فضلا عن أن يحرض، على وجوب استنفار كافة القوى الوطنية الشريفة للوقوف في وجهه، والتصدي له بحزم وصرامة.
في مثال آخر للتضليل باسم (المهنية والموضوعية)، يعلق المحرر السياسي لقناة الجزيرة، على تصريح لرئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، أدعى فيه "أن أمريكا تقاتل إلى جانب السعودية ضد الحوثيين".. بالقول: "إنها حرب لا تبدو لها نهاية، حيث يتبادل أطراف الحرب الاتهامات، بضلوع جهات خارجية فيها، إذ تدعي الحكومة اليمنية دعم إيران للحوثيين". هكذا..!! تصريح لاريجاني الذي هو نوع من (الحرب الإعلامية).. لنظام يخسر إحدى مناطق نفوذه، ويفشل في تحقيق (اختراق) كان يعول عليه كثيرا، ولا يستند في زعمه ذاك إلى أي دليل حسي.. تضعه قناة الجزيرة، بدعوى الموضوعية، والتقاليد (المهنية)، ندا مساويا وموازيا للأدلة الدامغة، في تورط النظام الإيراني، بدعم التمرد الحوثي، وإيقاد نار الفتنة اليمنية.
كنت سأكتفي بهذين المثالين، عن كذب وضلال الموضوعية والمهنية، لولا أني سمعت الإعلامي و(المهني) العريق أحمد منصور، يوجه في برنامجه (شاهد على العصر)، سؤالا (سامجا) للرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل.. يقول فيه: "كيف تفسر لي العلاقة الوثيقة بين المتعصبين الوهابيين والمتعصبين الموارنة ..؟".. فيما يبدو أنه تلميح للدور السعودي في لبنان. خيل لي.. بعد سؤال أحمد منصور، أني أمام مشهد للقاءات حميمة.. بعضها سري، بين الشيخ عبدالعزيز بن باز وأعضاء من (هيئة كبار العلماء)، والبطريرك نصرالله صفير وعدد من بطاركة كنيسة (مار إلياس)..!
ليست سماجة أحمد منصور، وإسقاطاته النفسية..التي تمثل واقع (المهنية) الحقيقي في إعلامنا العربي، ولا نغمة (القولبة) والتصنيف المقيت في حديثه..عن الوهابية، هو ما أثار اشمئزازي.. لأن الوهابية، بالنسبة لي، لم تكن في يوم من الأيام سبة. أعتز بانتمائي إليها، ولا أبرؤها.. مثل أي اجتهاد بشري، من الوقوع في الخطأ. لكن أن تزيف الحقائق أمام الناس.. ويضللوا، بهذا الأسلوب الفج، أمر يجعل التصديق بوجود ممارسة إعلامية مهنية، أو سلوك موضوعي، في التعاطي مع قضايا الأمة، وأحداث الساعة..وفي مؤسسة إعلامية كبيرة مثل (قناة الجزيرة)، مسألة تحتاج إلى إعادة نظر.
لا ينتهي عجب المرء من (بعض) هؤلاء الإسلاميين و(المثقفين)، الذين يفتنون "من إيران" في كل عام مرة أو مرتين .. ولا يتوبون..! تمضي إيران الصفوية الفارسية، في تنفيذ (أجندتها).. تمزيقا وتفتيتا في الوطن العربي، وإشعالا لنيران التقاتل والاحتراب الطائفي.. ورفعا لشعارات فارغة، عن (العداء) لأمريكا، و(إزالة) إسرائيل من الوجود.. والقوم مازالوا (يمسكون) العصا من الوسط..!
لذلك.. لم يعد مثيرا للتساؤل، هذا (الهوان العربي)..الذي بلغ حضيضا، ليس بعده قاع، ولا لماذا تفشل المشاريع السياسية، لبعض الحركات الإسلامية (الكبيرة).. أو لماذا بقي (المثقف) العربي .. المعتد بإدراكه و(وعيه)، مطرودا من أبواب الأنظمة..ومنبوذا، غير قادرعلى قيادة الجماهير.. مادامت القضايا الكبرى للأمة، مجالا للمزايدات القطرية والحزبية.. وتصفية الحسابات الشخصية.