الثلاثاء، يونيو 03، 2008

جماعة الاخوان بين ثوابتها والتحالفات

قد لا يخفى على الباحث فى شان الإخوان المسلمين أن كيان الجماعة المعروف تتكون من مستويات متفاوتة فى الثقافة والعلم وغيرها من المعارف التي يتطلبها العمل الاستراتيجي وكذلك يختلفون فى جنسياتهم ، فما هي علاقة هؤلاء بثوابت الجماعة التي وضعته لنفسها .
لقد قام مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا بأهم ما يمكن أن يقوم به مجدد مخلص و لقد شاهد الإمام رحمة الله تمزق العالم الإسلامي إلى دويلات مستعمرة و قد كان قائداً سياسياً انقادت له الجماهيرُ، وكان ذا فقه سياسي إسلامي أخذ بلُبِّ ذوي الألباب من الناس يقول عنه طنطاوي جوهري: حسن البنا إنه مزاج عجيب من التقوى والدهاء السياسي، إنه قلب علي وعقل معاوية، كان فيه من الساسة دهاؤهم، ومن القادة قوتهم، ومن العلماء حججهم ، ومن الصوفية إيمانهم، ومن الرياضيين حماسهم، ومن الفلاسفة مقاييسهم، ومن الخطباء لباقتهم، ومن الكتاب رسالتهم، وكان كل جانب من هذه الجوانب يبرز كطابع خاص في الوقت المناسب
[1]
ولقد وضع لهذه الجماعة التى يمكن ان تسير عليها لتحقق اهدافها والثوابت هي الأمور التي ينبغي أن تظل دون تغيير أو تبديل على مر الزمان واختلاف المكان، وهي بمثابة القواعد الحاكمة على الأفراد، والإطار الضابط لسلوكهم وتصرفهم، والميزان الدقيق الذي لا يخطئ، والذي يتميزون به عن غيرهم ووضع عشر ثوابت يقول عنها الاخوان انها كالاتى:-
أولاً: اسم الجماعة فكرة وتاريخاً ووفاء.
ثانياً: العمل الجماعي وسيلتنا.
ثالثاً: التربية ونبذ العنف سبيلنا.
رابعاً: الأسرة محضن التربية.
خامساً: رسالة التعاليم والأركان العشرة خاصة الأصول العشرين، ورسالة العقائد أساس لنا ومصدر تعلمنا.
سادساً: الشمول والعموم أساس نظرتنا الكلية وفهمنا الشامل.
سابعاً: الشورى الملزمة تحسم الخلاف بيننا.
ثامناً: احترام النظم واللوائح من أخلاق بيعتنا.
تاسعاً: الاختيارات الفقهية للجماعة لا خيرة للأفراد فيها.
عاشراً: الله الغاية في كل ثوابتنا ومتغيراتنا، وكل ما نقول ونعمل
[2].

أما غيرها فهو متغير نتيجة الزمان والمكان وقد حمل فكر الإخوان وانتشر فى العالم الاسلامى وتلقف الآخرين دعوة الإخوان فأنشئوا الأسر وكونوا اللائحة وقاموا بالشورى ، ونظرا لان الجماعة يعيش افرادها فى العالم بين جمهوريات وممالك وإمارات فلم يستطيعوا أن يعملوا فى جماعة واحدة لها الشكل التنظيمي الهيكلي الذي يجعل قيادتها فى مصر يمكن أن تصدر قرارا إلى قادتها فى الأقطار الأخرى ثم يستجاب لهم ، وهنا ظهرت إشكالات عديدة بين الجماعة الأم وقادتها فى البلاد الأخرى .

فظهرت الجماعة فى البلاد الأخرى بإسم مختلف ففى الكويت الحركة الدستورية وفى فلسطين حركة المقاومة الإسلامية حماس وفى السعودية لم يظهر لهم اسم ولا مسمى ولا أشخاص وفى اليمن وفى الجزائر وتونس وغيرها قد تسموا باسم مختلف ، فنتفى الثابت الأول من ثوابت الجماعة .
وبذلك وأصبح كل فريق من هذه الفرق يقول أن فكره فكر الإخوان وان له تنظيم ويقوم بعمل الاسر ولكنه ينفصل تنظيميا عن باقي الأقطار فنفى كل فريق عن نفسه البند الثاني وتخندق كل طرف فى مكانه على أمل أن يأتي ذلك اليوم الذي يلتئم الشمل .

والأمر الاهم فى ثوابت الحركة هو ذلك الاختيار الفقهي التى لا خيرة للأفراد فيها قد كان هناك خيارات إمام كل مجموعة فى بلد ما وقد يتعارض مع رأى الجماعة فى قطر أخر ، وقد ظهر ذلك جليا عندما انفرد أخوان الكويت فى الرأي أن القوات الأمريكية يجب علينا أن نستخدمها كي تستعيد لنا الكويت بينما كان الجماعة فى مصر وغيرها ترفض ذلك ، ويقف إخوان فلسطين فى خندق معادى للأمريكان بينما يتعاطى إخوان العراق مع الأمريكان ، ويستنجد إخوان فلسطين بالنظام السوري والايرانى ويؤيد بقائهم بينما يعادى إخوان لبنان وإخوان سوريا وإخوان العراق كل من إيران وسوريا وكل طرف يقول انه سوف ينتصر لفكر الإخوان وأهدافهم عندما قوم بذلك ، ويقف إخوان الأردن مع حكومته ضد أهدف إخوان فلسطين موقف المتفرج ويهتموا بالشأن الاردنى فقط .
إذا ما الفرق بين جماعة الإخوان المسلمين وبين حكامهم العرب ؟؟ .. وماذا لو اعتلى الإخوان سدة الحكم فى هذه الدول ؟؟ .. وهل ستتغير سياسات الإخوان وعلاقاتهم الإستراتيجية ويتوحدوا خلف قيادة واحدة ؟؟ اذا لقد أصبح المفهوم الوطني الذي يتبناه الإخوان فى بلدانهم غير ذلك المفهوم الذي فهمه حسن البنا
الوطنية في الفقه السياسي الإسلامي:
ويرى الأستاذ البنا رحمه الله أن الوطنية بالمفهوم السياسي الإسلامي هي التي تقوم حدودها على العقيدة، وليست على التخوم الأرضية والحدود الجغرافية، فكل بقعة فيها مسلم يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله وطنٌ إسلامي له حُرْمَتُه وقداسته وحبه، والإخلاص له بالجهاد في سبيل خيره، وكل المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية سواء كانوا في مصر وسوريا والأردن والعراق والباكستان وإيران وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين هم أهلنا وإخواننا، نهتم لهم ونشعر بشعورهم.
وعلى هذا فالوطن الذي يعمل له المسلمون هو العالم كله، ينبغي أن تسود فيه رسالةُ الإسلام العالمية، تنظم شؤونه وترعى مصالح سكانه على اختلاف الألوان والبلدان.
[3]

إن التخوف الذى يبديه المراقبين هو .. هل يمكن للحركة فى مصر على سبيل المثال تحت وطأة الضغوط أن تحافظ على ثوابتها وهل تتمسك بالسجون والمعتقلات والحظر أم بمساعدة الفلسطينيين وتضرب بمصالحها مع الولايات المتحدة عرض الحائط ولماذا لا تعترف حماس بإسرائيل وتترك المجاعة والحصار والقتل وتتوقف قافلة الشهداء ، وهل سيستمر التمسك بالتحالفات ذات الطابع المحلي أم يتوحد الإخوان خلف إستراتيجية جديدة تتوحد فيها رؤيتها للأصدقاء والأعداء.
على بكساوى

[1] الفكر السياسي عند الإمام البنا
[2] الثوابت والمتغيرات فى دعوة الإخوان نقلا عن www.ikhwan-info.net

[3] انظر رسالة دعوتنا من مجموعة الرسائل 105-107.