الثلاثاء، مايو 10، 2011

مصالحة فلسطينية..هل سمعت هذا من قبل ؟

بقلم : على بكساوى
على الرغم من الإعلانات التي يطلقها نتنياهو لرفضه هذا المصالحة الفلسطينية التي تم توقيها فى القاهرة فى الرابع من مايو الجاري إلا إنني أشك فى صدق هذه التصريحات،وعلى الرغم من الإعلان الأمريكي بأنها ستضطر إلى إعادة النظر في سياستها لمساعدة السلطة الفلسطينية إذا شكلت حكومة منبثقة من المصالحة بين حركتي فتح وحماس والتي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية ، بل ينتابني شعور قوى فى أن هذه المصالحة تتم لإيقاف الحرائق بالمفهوم الإسرائيلي والتي تمثلها الثورات العربية التي تجتاح العالم العربي، بل أكد هذا الشعور ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلي حيث كشفت وزارة الخارجية الإسرائيلية، عما وصفته بـ"تقرير سري"، أن توقيع المصالحة الفلسطينية يخدم المصالح الإسرائيلية.وذكر «راديو إسرائيل» نقلاً عن صحيفة «هآرتس»، أن وزارة الخارجية أعدت "تقريراً سرياً"، قالت إنه يتضمن توصيات إلى المستوى السياسي،وأفاد التقرير أن اتفاق المصالحة الفلسطينية، يشكل "فرصة إستراتيجية إيجابية، من شأنها أن تخدم المصالح الإسرائيلية"

الا اننى أتوقع أن تكون هذه المصالحة تتم كسابقتها من اتفاقات مصالحة وهمية وتفاهمات فلسطينية شكلية وهى تذكرنا في احتفاليتها باتفاق مكة حينما سارعت حركة فتح إعلانها قبول اتفاق مكة برعاية خادم الحرمين بنفس السرعة التى قامت بها فى إنهاؤه بعد ما قام قيادات فتح بالدور هو هدم حكومة الوحدة الوطنية ، واحتواء النتائج الغير متوقعه التي تفاجأ بها الجميع عندما حصلت حركة حماس على الأغلبية البرلمانية ،وقد شاهدنا ارتباك حركة فتح فى اول الامر وعدم قبولها لهذا النتائج وعملت على إيقاف النضال الفلسطيني وتحويله إلى خلاف سياسي داخلى بين أكبر الفصائل الفلسطينية كما عملت على إنهاك حركة حماس والتآمر مع العدو الصهيونى على ذبحها فى غزة بأيدي العدو الإسرائيلي وتقديم أفرادها ومؤيدوها قربانا لإسرائيل وأمريكا وحتى يومنا هذا ابتداء بالمشاركة فى اغتيال المبحوح ومرورا بتقرير جولدستون.
فما هى هذه العوامل التى دفعت حركة حماس الي قبول هذا الاتفاق:-
اولا :- الوضع في فلسطين هو احتلال مدعوم من كل الدول الغربية وكل الحكومات العربية بدرجات متفاوتة تصل للعمالة كما كان نظام حسنى مبارك يقوم به والى ادوار خفية يقوم بها آخرين ، وقد تم ترتيب الأوضاع في المراحل السابقة لعمل مسلسل لقبول اليهود فى هذه المنطقة من العالم لكن منذ العام 1948 حتى الآن لم ولن يتم هذا القبول لهذه البؤرة السرطانية من الشعوب العربية والاسلامية ، ولن يتوقف الدعم لمحمود عباس وزمرته ماليا وسياسيا واعلاميا وهم على اقل تقدير فهم يطالبون اسرائيل بالانسحاب الى حدود 67 وان كان ذلك فى الميكروفونات فقط كى يقوموا علىي الجانب الاخر بتشويه مشروع حماس وهذه المصالحة تفقدهم القدرة على التشويه ، اما حماس فلا تحتاج الي توضيح صورتهم واظهار قبحها لا داخليا ولا خارجيا فهذا الامر يقوم به بعضهم على بعض وتقوم اسرائيل بتشويه من يرفض خدمتها منهم وينعكس هذا على بقيتهم .

ثانيا : لا يمكن لحركة حماس ان تشارك فى هذه الدعوى المليونية التي رأيناها على الفيس بوك للعودة إلى فلسطين يوم 15 مايو القادم والقيادات الفلسطينية منقسمة ومتناحرة ،فعلى الرغم ان هذه الدعوى الى العودة الى فلسطين قد فاجأت الجميع منذ أول وتم حذف صفحتها على الفيس بوك عدة مرات إلا أنها لا تتوقف وانتشرت فى المنديات الفلسطينية وهى ايضا قابلة للتحقق، ولا اشك أن اليهود فى العالم بكل مؤسساتهم فى حالة استنفار جراء هذا الدعوى التي لا تقل خطورة عن الثورة المصرية وما آلت إليه من حبس الرئيس حسنى مبارك والذي صرحت القيادات الإسرائيلية انه كنز استراتيجي وانه أكثر من استفادت منه دولة الاحتلال ، فكيف يمكن إيقاف تحرك إلى قرى ومدن فلسطين من كل من غزة ومصر وسوريا والأردن ولبنان من أصحاب حق فى عودتهم إلي بلادهم بعدما نسيهم العالم منذ الحروب السابقة ،ولن يستطيع أن يقوم احد الحكام العرب بدور الشرطي نيابة عن نتنياهو بهذه المهمة فى ظل غياب دور أمريكي فاعل وخلاف بين أوباما و نتنياهو و لا يخفى على المحللين ، وظهر بقوة من خلال موقف الطرفين فى أثناء الثورة المصرية.

ثالثا :- لا شك أن حركة حماس تمتلك من الوعي السياسي وتمتلك من التجارب الكافية للتعامل مع الوضع الحالي ، ومن المؤكد أنها تمتلك من المعطيات التي تجعلها توقع على اتفاق المصالحة مع هذه البقايا من حركة فتح والمتهمة بالعمالة على أهم تقدير ،وتعلم تماما ما غيرته ثورة 25 يناير فى مصر وقبلها ثورة تونس ولا بد لها من استثمار الوضع الجديد المؤيد لها ، لقد أصبحت الأوضاع حاليا أكثر خطورة على إسرائيل بعد هذه الثورات العربية والتي أطلت برأسها دون استئذان من احد ودون سيطرة عليها ، فالثورة الأولى فى تونس تبدأ بأحد الباعة الجائلين والثانية في مصر تبدأ بشباب كان فى نظر النظام افشل من يمكن أن يقوموا بشيء وتبدأ فى سوريا بطفلين في مدرسة ابتدائية رفعوا لافته الشعب يريد إسقاط النظام ، وأصبح البعض ينادى للشعوب العربية طابور يا عرب فقد اشتعلت ليبيا قبل أن يتنحى مبارك وثارت اليمن في نفس التوقيت واشتعلت سوريا وتتجه إلى نفس مسار ليبيا التي لم تنتهي ولم يتم للسورين التعرف على نهاية ثورتهم من نموذج ليبيا.

رابعا :- حركة حماس تشعر بقلق مما يجرى في سوريا حيث يقيم المكتب السياسي للحركة ، وقد يتم التضحية بها كرامة لمساعدة الغرب للنظام السورى كي يستمر ، والذى يبحث كيف تم تسليم السوريين لعبد الله اوجلان الزعيم الكردى الى تركيا كان تحت ضغط تركي اقل من هذا ، وكذلك تسليمهم لمكان عماد مغنية حيث تم اغتياله كان أيضا بعد ضغوط اسرائيلية عنيفة للقيام بحرب عليها ومن المكن ان يقدم رأس خالد مشعل وبعض القيادات الي اسرائيل اذا تطلب الامر ذلك ولا بد لحركة حماس ان تشعر بالازعاج من الوضع الحالي ، كما تريد حركة حماس أيضا أن تستفيد من الانزعاج الذي تمر به فتح بعد خسارة حسنى مبارك والداعم الرئيسي لها وغياب عمر سليمان العقبة الكريهة فى طريق الوفاق الفلسطيني.

خامسا :- المكاسب التي ستصل لها الحركة بعد التوقيع على المصالحة من قدرتها على الدخول في المجلس الوطني الفلسطيني وفى منظمة التحرير الفلسطينية الذين ظلت محرومة منهما طوال هذه السنوات ،والتي رفضت فتح المصالحة قبل ذلك لانها تتوقع ان تقوم حماس بالعمل على السيطرة علي هذه المؤسسات الكبيرة في المجتمع الفلسطيني والدولي ولا تخشى حماس من الانتخابات القادمة في ظل تغيير عربي جديد يرحب بحماس قائدا للشعب الفلسطيني، لن تعترف حماس بإسرائيل وهو الشرط الذي كانت تتمسك به فتح في السابق .كما انه من المتوقع تباعا لذلك وبعد فتح المعابر مع مصر أن يبدأ مشروع إعمار غزة .
سادسا :- قيادة حركة حماس تعلم تلك المعاناه والأذى الذي يلاقيه أنصارها يوميا في أعمالهم وفى سجون السلطة في الضفة الغربية وتشعر بأنين أهلها هناك ، وكذلك المعاناه المستمرة التي يعيشها سكان القطاع ولا بد لهم من هدنة تستجمع هذه الفئة قواها ، وتحس بالأمل في الغد يحملها على الصمود في وجه الاحتلال.

لقد ظلت المصالحة الفلسطينية هي العنوان الرئيسي في الاعلام وليس الاحتلال الاسرائيلي ، ولكن نشعر أن هناك رغبة فى تغيير الموضوع من الطرفين بعد قيام هذه الثورات فى العالم العربي التى من الممكن ان تنتقل الي الضفة الغربية والقطاع ، لكن يجب أن نعلم ان هذه المصالحة اذا كانت تخدم اسرائيل شبرا فهى تخدم القضية الفلسطينية أكثر ، وستعمل اسرائيل وعملاءها على تقليل تلك المكاسب التى تسعى حركة حماس الي الحصول عليها ، وستقوم بعمل خطط ومؤامرات كثيرة كى تستقر الأوضاع لهذا الاحتلال وتوفر له الأمن والرعاية ، لكن أكثر ما يؤكد ان هذا الاحتلال إلى زوال هو أنه لا أحد ممن يقف في وجه هذا الاحتلال يضع خطط ضد هذه المؤامرات لكن وجدت أن الخطط يصنعها الله ويستخدم من الأمة الاسلامية من يحب الله أن يرزقه الأجر والثواب.