الجمعة، أكتوبر 26، 2007

خطورة اللعب مع الإخوان * حسن نافعة

خطورة اللعب مع الإخوان * حسن نافعة
تمارس الدولة المصرية مع جماعة الإخوان المسلمين لعبة سياسية أقل ما يقال فيها أنها غامضة وملتبسة وباتت ، من فرط عشوائيتها ، تهدد المشهد السياسي كله بالفوضى ، وتصادر على أي أمل بإرساء قواعد واضحة لنظام سياسي محدد الهوية ، راسخ الآليات ، ومقبول من كافة الأطراف والتيارات الفكرية والحركية في المجتمع الذي يقوده ويفترض ان يعبر عنه. وتشير أحداث ووقائع الشهور والأسابيع الماضية إلى أن جديدا طرأ على نمط العلاقة القائم بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان حيث اتخذت الدولة ، فيما يبدو ، قرارا بالدخول في مواجهة أمنية شاملة مع الجماعة على أمل القضاء عليها نهائيا هذه المرة. وكان جهاز الأمن في مصر قد انقض منذ شهور قليلة على عدد من المفاصل الموالية والتنظيمية للجماعة وصدر قرار سياسي بمحاكمة أهم وأبرز العناصر الممسكة بهذه المفاصل أمام محكمة عسكرية بتهمة التورط في عمليات "لغسيل الأموال" ، ثم عاد منذ أسابيع لينقض على عدد آخر من المفاصل السياسية والفكرية للجماعة ويلقي القبض على أهم الممسكين بها ، ولكن بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة هذه المرة،.
وإن دلت هذه التطورات على شيء فإنما تدل على رغبة في تغيير نمط العلاقة القائم منذ حين بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين. ومن المعروف أن العلاقة بين الدولة والإخوان في عهد الرئيس مبارك كانت قد استقرت وفق نمط معين يسمح للجماعة بدور سياسي غير مقنن وبهامش من حرية الحركة السياسية ، تحدد الدولة سقوفه وخطوطه من جانب واحد ولكن دون معايير أو مقاييس واضحة أو متفق عليها. غير أن الدولة عادت وقررت لأسباب مجهولة الدخول في مواجهة مفتوحة ومستمرة مع الجماعة ، وهو أمر بدا واضحا خصوصا عقب تصريح الرئيس مبارك بأن الجماعة باتت تشكل "خطرا على أمن مصر القومي". صحيح أن هذه المواجهة ما تزال من طرف واحد حتى الآن ولم تتحول بعد ، لحسن الحظ ، إلى مواجهة متبادلة. دليلنا على ذلك أن الحكومة المصرية لم تكشف بعد عن مؤامرة سرية تقوم بها "الجماعة المحظورة" لقلب نظام الحكم ، كما لا يوجد ، في حدود علمنا ، قرار من جانب الجماعة بالرد على العنف بالعنف. ومع ذلك أعتقد أنه ليس بوسع أحد أن يضمن استمرار التزام الجماعة بسياسة ضبط النفس وتحمل ضربات موجعة في ظروف محلية وإقليمية ودولية كالتي تعيشها الأمة العربية والإسلامية حاليا. فقد يكون الرد على العنف بالعنف أمرا واردا أو حتى مشروعا بالنسبة للبعض ، بسبب حجم الهواجس والقلق وعدم الاطمئنان مما قد تخبئه قوادم الأيام والتي تضطرم بها النفوس في المرحلة الحالية ، خصوصا وأن فترة الشهور الست المقبلة تبدو مشحونة بأسباب توتر ، بعضها ظاهر وأكثرها كامن ، باتت تمسلك بتلابيب المنطقة من أقصاها إلى أقصاها.المواجهة القائمة حاليا بين الدولة المصرية و جماعة "الإخوان المسلمين" ليست الأولى ، والأرجح أنها لن تكون الأخيرة. فمن المعروف أن هذه "الجماعة" ، والتي كانت قد لقيت ترحيبا عاما عند تأسيسها على يد حسن البنا عام 1928 باعتبارها جماعة دينية تدعو للمعروف وتنهى عن المنكر ، ما لبثت أن راحت تصتدم بالنظام منذ تحولها إلى قوة سياسية تسعى للوصول السلطة باعتباره ضرورة لإقامة النموذج المجتمعي الذي تؤمن به. اللافت للنظر هنا أن صدام الجماعة مع النظام ، والذي اتخذ طابعا دمويا أحيانا وقمعيا أحيانا أخرى ، جرى في كل العهود والمراحل ، بصرف النظر عن طبيعة النخبة الحاكمة أو توجهاتها الفكرية والأيديولوجية أو سياساتها الداخلية والخارجية. ففي العهد الملكي دخلت الجماعة في مواجهة شاملة مع النظام عام 1949 ، في وقت كانت النخبة الحاكمة تتبنى خطا "ليبرالي" التوجه ، وفي الحقبة الناصرية دخلت الجماعة مرتين في مواجهة شاملة مع النظام:
الأولى عام 1954 والثانية عام 1965 ، بينما كانت نخبته الحاكمة تتبنى خطا وطنيا مستقلا أو خطا اشتراكيا مواليا للاتحاد السوفييتي ، وفي الحقبة الساداتية دخلت الجماعة عام 1981 في مواجهة شاملة مع النظام في وقت كانت النخبة الحاكمة تتبنى خطا محافظا ومواليا للولايات المتحدة وإسرائيل. وها هي بوادر مواجهة شاملة تتجمع في الأفق عقب فترة هدنة طالت كثيرا مع النظام في عهد الرئيس مبارك ، في وقت تسير فيه النخبة الحاكمة على نفس النهج المتبع منذ عهد الرئيس السادات وتصر في الوقت نفسه على نقل السلطة لنجل الرئيس ضمانا لاستمرار احتكارها للسلطة والثروة. قد يرى البعض في المواجات المتكررة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين مختلف فصائل النخبة التي تعاقبت على حكم مصر منذ الربع الثاني منذ القرن الماضي دليلا على أن المشكلة تكمن في فكر الجماعة وفي بنيتها التنظيمية ، وربما أيضا في السياسات والتكتيكات والوسائل التي تبنتها للوصول إلى غاياتها ، وهو ما لا نستبعده ابتداء. فمن الواضح أن الجماعة عجزت عن التأقلم مع التطور الذي شهدته الساحة المجتمعية في مصر ، كما عجزت عن طرح صيغة تمكنها من تجنب هذا النمط من العلاقة الدامية والمستمرة مع كل فصائل النخبة ، على نحو ما حدث في تركيا على سبيل المثال. غير أن هذا الأمر لا يشكل إلا وجها واحدا من وجوه الحقيقية. فالواقع أن الفشل لا يقتصر على الجماعة وحدها وإنما هو كامن كذلك في بنية النظام السياسي المصري نفسه. فقد عجز هذا النظام عن التحول إلى نظام ديمقراطي قادر على استيعاب الجماعة ، ومعها التيار الإسلامي المعتدل ، بداخله والقبول بقواعد لعبة سياسية على اساس من تداول السلطة. وقد سبق لي أن أشرت في مقال سابق إلى أنه آن الأوان لاستخلاص الدروس الصحيحة المستفادة من هذه المواجهة ، والتي لخصتها في عدة أمور. الأمر الأول:
أن جماعة الإخوان ولدت لتبقى ولم يعد بمقدور أحد استئصالها من تربة الحياة السياسية والاجتماعية المصرية التي أصبحت متجذرة فيها. والأمر الثاني: أن الضربات المتلاحقة لا تزيد الجماعة إلا إصرارا وقوة ، وأن حظر وجودها وتجريمها ودفعها للعمل تحت الأرض يجعلها أكثر تطرفا وانكفاء على نفسها وأقل قدرة على التواصل والحوار مع الآخرين. والأمر الثالث: أن التضييق على بقية الفصائل السياسية الأخرى غير المشاركة في الحكم يصب في نهاية المطاف لصالح جماعة الإخوان وحدها ، على عكس ما قد يبدو ظاهرا فوق السطح ، ويجعل منها البديل الوحيد للنظام القائم ، خصوصا عندما لا يكون لدى هذا الأخير مشروعا وطنيا تلتف حوله الطبقة الوسطى على نحو ما تتسم به المرحلة الحالية. كما سبق أن أشرت إلى أن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة أكدت وجود حالة استقطاب سياسي ، خطرة جدا ، بين جماعة الإخوان من ناحية والحزب الحاكم من ناحية أخرى. ذلك أن أيا من طرفي الاستقطاب القائم حاليا لا يشكل حزبا سياسيا بالمعنى الدقيق وبالتالي قد لا يكون قادرا أو مؤهلا لطرح مشروع وطني بالمعنى السياسي أو الاجتماعي للكلمة. فالقوة الظاهرة للحزب الحاكم تعكس في الواقع قوة الجهاز الأمني والإداري للدولة بأكثر مما تعكس حجم التأييد الجماهيري لبرنامجه السياسي ، والقوة النسبية الظاهرة لجماعة الإخوان تعكس قوة الدين في المجتمع بأكثر مما تعكس حجم التأييد الجماهيري لهذه الجماعة.وبين نخبة حاكمة تحاول فرض هيمنتها المنفردة بعنف أجهزة القمع ، وجماعة معارضة تحاول التصدى لهذه الهيمنة بقيم الدين ، توجد حالة فراغ سياسي مخيف تحول دون تمكين أغلبية صامتة تمثل ثلاثة أرباع الناخبين من تنظيم صفوفها والنزول إلى ساحة العمل السياسي ، وهو ما أكدته نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة. ويبدو واضحا أن هذه الأغلبية تأمل في كسر احتكار النخبة الحاكمة للسلطة والثروة ، غير أنها لا تبدو مطمئنة في الوقت نفسه لجماعة الإخوان ، وهو وضع تحاول النخبة الحاكمة استغلاله وتوظيفه لمصلحتها ، وذلك بإظهار الجماعة وكأنها فزاعة تخيف بها القوى الراغبة في التغيير والحيلولة بالتالي دون حدوث أي تداول حقيقي للسلطة.وهنا تكمن مفارقة تجعل الوطن يبدو محشورا بين مطرقة الحزب الوطني وسندان الجماعة. فالحزب الوطني يحتاج إلى تضخيم خطر الإخوان للتهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي ولتكريس احتكاره للسلطة والثروة ، والقمع الواقع على الإخوان يحول الجماعة في ظل الفراغ السياسي القائم إلى ضحية وإلى بديل وحيد محتمل للنظام القائم. وقد سبق أن أكدت في مقالي السابق المشار إليه إلى أن هذا البديل لن يأتي بالطريق السلمي وإنما في نهاية مرحلة من الاضطراب والفوضى يبدو أن النظام الحالي يسوقنا إليها لا محالة.إنني أود أن أؤكد هنا مرة أخرى على أنني لست من الذين يعتقدون أن جماعة الإخوان المسلمين تشكل بذاتها خطرا على الوحدة الوطنية أو عقبة أمام إطلاق مشروع للتحديث والنهضة في مصر. الخطر الحقيقي هو استئثار طرف واحد ، أيا كان ، بالسلطة واستئثاره بها. فالانفراد بالسلطة يقود حتما إلى تركيزها في يد فرد واحد يتحول بحكم طبيعة الأشياء إلى مستبد يشل عمل المؤسسات ويحول دون تطويرها. ولأن الاستبداد هو أقصر الطرق لشيوع وانتشار الفساد ، فسوف يستحيل ، في تقديري ، إقامة مجتمع ديمقراطي حقيقي من دون مشاركة نشطة وفعالة من جانب تيار الإسلام السياسي بشكل عام وليس جماعة الإخوان فقط. غير أن الأمانة تقتضي أن أؤكد هنا في الوقت نفسه على أنه يستحيل على تيار الإسلام السياسي ، وفي المقدمة منه جماعة الإخوان ، أن يصبح طرفا مشاركا في الجهود الرامية إلى إقامة نظام سياسي ديمقراطي حقيقي ما لم يتحول إلى حزب سياسي مدني يقبل بمبدأ المواطنة وينبذ العنف كوسيلة للوصول إلى السلطة.وقد سبق أن أشرت إلى حوارات كانت قد جرت في خضم جهود شاركت فيها واستهدفت قيام "جبهة وطنية من أجل التغيير" ولدت لدي إحساسا عميقا بأن المشكلة لا تكمن في جماعة الإخوان المسلمين بقدر ما تكمن في النظام السياسي القائم. فهذا النظام لا يرغب في قيام أي أحزاب سياسية تتمتع بقواعد شعبية حقيقية ، سواء كانت مرجعيتها الفكرية إسلامية أو مدنية. الدليل على ذلك أن أحزابا مثل الوسط والكرامة ما تزال تناضل في دهاليز القضاء منذ عشر سنوات للحصول على رخصة رسمية تسمح لها بمباشرة النشاط. وقد يبدو غريبا أن ينقض الحزب الحاكم على الجماعة في وقت تبدو فيه أكثر استعدادا من أوقت مضى لحسم ترددها والتحول إلى حزب سياسي مدني ذي مرجعية إسلامية. ولذلك لا أتردد في تحميل المجتمع المدني في مصر جانبا من المسؤولية عما يحدث الآن بسبب إخفاقه في العثور على صيغة مبتكرة تسمح بتبديد الشكوك المتادلة بين الإخوان والقوى الراغبة في التحول الديمقراطي ، وهو شرط يستحيل في غيابه إقامة نظام ديمقراطي يسمح بتداول سلمي للسلطة. لقد سبق لي أن أكدت أكثر من مرة أنه لا أمل في قيادة الحزب الوطني لعربة الإصلاح السياسي في مصر ، لكن أين المجتمع المدني؟ هل يظل المجتمع المدني في مصر جالسا القرفصاء حتى وقوع الكارثة القادمة؟

الجمعة، سبتمبر 21، 2007

دراسة أمريكية: صدمة الغياب المفاجيء للحاكم.. ربما تقود مصر إلي «الديمقراطية»

أوضحت دراسة أمريكية حول مستقبل الديمقراطية في العالم العربي، أن عنصر الصدمة الذي قد يرتبط بالغياب المفاجئ للحاكم من شأنه أن يدفع بعض الدول العربية شبه السلطوية، ومنها مصر، نحو تحول ديمقراطي حقيقي.أكد الباحثان عمرو حمزاوي وناتان براون في دراستهما الصادرة في العدد الأخير للدورية الأمريكية الإلكترونية «ناشونال إنترست» بعنوان «حمي الربيع العربية» أن الغياب المفاجئ للحاكم أو عجزه عن مباشرة أعماله في الدول العربية شبه السلطوية، قد يمنح الفرصة لإتمام عملية التحول الديمقراطي، خاصة إن كانت هناك معارضة قوية ومنظمة.
ويتحدث الباحثان عن مصر كمثال لهذه الدول، مؤكدين أنها الآن علي مشارف أزمة تتعلق بمستقبل الحكم.ويقولان: في الوقت الذي يركز فيه الحزب الحاكم علي تأمين عملية نقل السلطة من الأب إلي الابن، أظهرت هذه المحاولات انقساماً داخل القيادة السياسية وأثارت اهتماماً جماهيرياً واسعاً، كما أنها أظهرت أن بعض العناصر داخل المؤسسة العسكرية لاتزال متشككة أو معارضة لنقل السلطة بهذا الشكل. ورغم اعتراف الباحثين بما قد يحمله عنصر المفاجأة من مخاطر قد تهدد استقرار الوطن أو تدفع في بعض الأحيان نحو مزيد من السلطوية، فإنهما يؤكدان أن الصدمات المفاجئة كالأزمات الاقتصادية والهزائم الحربية وغياب القيادة، تمكنت من إرساء الديمقراطية في أماكن أخري من العالم.
ويربط الكاتبان نجاح عنصر الصدمة أو المفاجأة في الدفع نحو ديمقراطية حقيقية بوجود معارضة منظمة وملتزمة التزاماً كاملاً بقضية الديمقراطية.وبالإشارة إلي مصر، يضيف الباحثان: إن عملية نقل السلطة في المرتين السابقتين تبعها انفتاح سياسي ولكن تزامن هذا الانفتاح مع وجود معارضة غير منظمة ومُرَوَّعة، متوقعين أن يكون المشهد السياسي المصري في عام 2007 قد يجعل عملية انتقال السلطة أكثر تعقيداً، بشكل من شأنه فتح الباب أمام ضغوط لتحقيق تحول ديمقراطي أكثر عمقاً. ويقول الكاتبان «إن النظام المصري يبدو وكأنه يعمل علي قطع الطريق أمام فرصة كهذه من خلال ممارسة القمع الشديد ضد جماعة الإخوان المسلمين التي تُعد أهم قوة معارضة في مصر، مؤكدين أن الأجيال القادمة في مصر ستدفع ثمناً باهظاً إذا تمكنت الحكومة من سحق المعارضة المطالبة بالديمقراطية.
ولم تركز الدراسة علي مصر فقط بل تناولت قضية التحول الديمقراطي في العالم العربي كله، حيث يؤكد الباحثان أنه رغم كل ما يتردد بشأن عملية التحول الديمقراطي العربي من ضجة خارج المنطقة، فإن هناك أجندة داخلية تدفع من أجل الإصلاح الديمقراطي، موضحين أنه علي المستوي الفكري تمكن أنصار الديمقراطية من تحقيق الفوز. وأشارا إلي جواب مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين عندما سئل عام 2005 عما تحتاجه مصر فأجاب قائلاً: «الحرية، الحرية»، مؤكدين أن ذلك يعني وجود دعم أكبر لفكرة الديمقراطية والانفتاح السياسي علي المستوي الشعبي.
ويقول الباحثان: إن هذه الحالة أدت بالنظم العربية السلطوية إلي تبني لغة الإصلاح في طرح سياساتها.وتؤكد الدراسة أن حقبة احتكار الدولة للمعلومات قد وَلَّت، فأصبح في إمكان المواطن العربي التواصل مع مصادر متعددة للمعلومات والتعرف علي آراء متباينة فيما يخص الشأنين الداخلي والعالمي، موضحين أن من أمثلة ذلك الصحافتين «المغربية والمصرية»، اللتين تعكسان درجة عالية من التنوع، في حين أن الصحافة في دول مثل سوريا وبعض دول الخليج لا تتمتع بنفس الدرجة من التعددية. وقسم الباحثان الدول العربية إلي ثلاث فئات: الأولي تضم الدول الضعيفة أو الفاشلة، أو غير المكتملة كلبنان والعراق وفلسطين، مؤكدين أن آليات الديمقراطية أدت إلي تعقيد الأمور في هذه الدول وعمقت الانقسامات.
وقالا: كما أن ضعف هذه الدول منح الأطراف الدولية الفرصة للتدخل في شؤونها، وتفضيل بعض الأطراف الداخلية علي بعض، ففي العراق علي سبيل المثال، عمقت الديمقراطية من الانقسامات العرقية وأدت إلي نشوب حرب أهلية، أما بالنسبة لفلسطين فرغم أن ديمقراطيتها كانت أكثر قوة فإن التدخل الدولي انقلب عليها في مهدها نظراً لفوز حماس في الانتخابات، ورغم أن لبنان تبدو أكثر استقراراً من العراق وفلسطين فإن الدولة لاتزال ممزقة بين تحالفين سياسيين وكل منهما له مؤيدوه في الخارج. ويري الباحثان أن الفئة الثانية من الدول العربية تضم النظم شديدة السلطوية، وقالا: هذه النظم تقاوم أي محاولة للتحول الليبرالي ولكن هناك بعض الفرص لإحداث تغيير، ففي الوقت الذي نجد فيه دولاً سلطوية مثل «سوريا وليبيا» لا تسمحان بأي نشاط سياسي معارض، نجد دولاً «كالسعودية والإمارات وعمان» شرعت في السماح بوجود إعلام أكثر تعددية، وأدخلت بعض الإصلاحات الطفيفة مع احتفاظها بقدراتها القمعية.
ويتحدث الباحثان عن السعودية كمثال قائلين: بين عامي 2002 و2006 تم إجراء أول انتخابات بلدية جزئية منذ الستينيات من القرن الماضي في المملكة، كما تم أيضاً السماح للمجتمع المدني بالظهور بعض الشيء، ومنحت المرأة حق التصويت كما منحت حق الترشح في الانتخابات النقابية والغرف التجارية. ولكن يري الباحثان أنه من الخطأ التركيز علي الفئتين الأولي والثانية لتقييم مسألة التحول الديمقراطي في المنطقة، وذلك لأن احتمالات التحول في تلك الدول ضعيفة، في حين أن أكبر فرص الإصلاح الديمقراطي تبرز في الدول شبه السلطوية، ومن هنا يؤكد البحث أنه يتعين علي الولايات المتحدة التركيز علي تلك النظم بشكل خاص، فبرغم أن الطابع السلطوي متأصل في هذه الدول -وفقاً للبحث- فإنه ليس بعيداً علي السيطرة. ويري الباحثان أن هذه الفئة تضم دولاً كمصر والمغرب والجزائر والأردن واليمن والكويت والبحرين، فبرغم أن النظم السياسية لهذه الدول تعارض أي تحول ديمقراطي حقيقي، وأن المؤسسات الديمقراطية لهذه الدول لا توجد إلا علي الورق، فإن هناك مساحة من المشاركة السياسية التي من الملاحظ أنها قد اتسعت بشكل كبير علي مدار العقدين الأخيرين. ففي مصر علي سبيل المثال، أعلن الحزب الوطني الديمقراطي عن مبادرات لفتح المجال السياسي في عام 2002، وتم إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، كما تم تعديل الدستور في 2005 للسماح بانتخابات رئاسية تعددية، كما تمكن «الإخوان المسلمين» من الفوز بخمس المقاعد البرلمانية في الانتخابات التشريعية التي أجريت في العام نفسه. ويري الكاتبان أنه رغم أن هذا الفوز الكبير دفع النظام لممارسة مزيد من القمع ضد الجماعة ونحو تبني إصلاحات دستورية من شأنها تضييق الخناق علي هذه الجماعة فإن السياسة المصرية لاتزال تعكس تقدماً فيما يخص التعددية السياسية. ويورد الباحثان أمثلة مشابهة للإصلاحات السياسية التي تبنتها النظم شبه السلطوية في دول أخري كاليمن والكويت، ويوضح الكاتبان أن هذه الإصلاحات رغم أنها ليست بمثابة إنجازات كبيرة، فإنها تحمل بين طياتها دلالات معينة، أهمها أنها تمكنت من إنعاش اهتمام حركات المعارضة بالعملية السياسية، الأمر الذي أضفي مزيداً من الحيوية علي الساحة السياسية في تلك الدول، خاصة إذا ما قورنت بما كانت عليه من ركود أثناء التسعينيات.
ويري الباحثان أن ثمة ثلاث وسائل يمكن من خلالها تعزيز الإصلاح السياسي الديمقراطي في تلك النظم شبه السلطوية، الوسيلة الأولي هي الاستمرار في إدخال إصلاحات تدريجية في إطار النظم القائمة، أما الوسيلة الثانية فهي تقوم علي عنصر المفاجأة التي من شأنها أن تؤدي إلي تحول ديمقراطي كامل، ولقد سبق تناول هذه النقطة بالتفصيل، أما الوسيلة الثالثة فهي تعتمد علي تقاسم السلطة بين النظام الحاكم والمعارضة المرتبط بإدراك كلا الطرفين أنه لا يمكن لأحدهما القضاء علي الآخر، وقد تجلت هذه الوسيلة في الطريقة التي تعاملت بها بعض النظم العربية مع المعارضة الإسلامية سواء كان ذلك في المغرب أو الكويت أو الأردن رغم أن الأخيرة يبدو أنها - وفقاً للبحث - قد تراجعت عن هذه السياسة. ويؤكد الكاتبان أن الوسيلتين الثانية والثالثة تعتمدان بشكل كبير علي عملية دمج الإسلاميين في الحياة السياسية والتعامل معهم كأطراف سياسية طبيعية، وهنا يؤكد الكاتبان أنه لا يمكن إتمام التحول الديمقراطي عن طريق قمع أكبر جماعات المعارضة في المنطقة، ويوضح الكاتبان أنه إذا ما استمر التعامل مع الإسلاميين باعتبارهم تحدياً أمنياً للنظم القائمة، ففرص التحول الديمقراطي ستظل محدودة، وسيتم توجيه نفس الأدوات القمعية التي يتم استخدامها ضد الإسلاميين ضد جميع أطياف المعارضة. المصري اليوم

الجمعة، يوليو 06، 2007

ملخص كتاب لاحمد زيدان مراسل الجزيرة

السياسة والإدارة بين منهجين..... منهج نجمة البحر اللامركزية ومنهج العنكبوت المركزي

أحمد موفق زيدان:
الكتاب الذي صدر تحت عنوان " نجمة البحر والعنكبوت ... القوة غير القابلة للإيقاف .. منظمات بلا قيادة ." للكاتبين الذين أبدعا بحق وحقيقة في التعرف على إدارة المؤسسات والشركات والمنظمات والجيوش ، وهما أوري برافمان ، ورود بيكستروم " ، لقد أجهد الكاتبان نفسيهما في البحث والتنقيب والغوص في التاريخ وشئون الإدارة والسياسة والعنف وكل ما يُعنى بشئون إدارة الإنسان وما يتصل به لتقديم رؤية ونظرة شاملة للقارئ ...
يقصد الكاتبان بمنهج العنكبوت في الإدارة المنهج المركزي ، وعادة ما تتبعه وتقتفيه التيارات والأنظمة الاستبدادية ، إذ أن العنكبوت يمكن التخلص منه بضربة قاضية على الرأس فقط ، فتتوقف حينها الأطراف عن العمل ، وتُشل حركة الجسم كاملة ، لكون المخ في الرأس ، أما نجمة البحر المتكونة من خمسة أطراف فليس لها رأس أو مخ ، فكل طرف من أطرافها يملك مخه ورأسه الخاص به ، وبالتالي فحركة نجمة البحر توافقية بين الأطراف الخمسة ، والقضاء على طرف واحد لا يعني القضاء على هذا المخلوق ، كما أن القضاء على طرف يعني فرزه لطرف آخرين ، وبالتالي فإن هذا المنهج الإداري يعني أن التعامل الفظ والساذج معه بالقضاء على طرف أو طرفين منه أو أكثر إلا باستثناء إن تمكن الخصم من القضاء على كل الأطراف ، وهو جهد ليس بسيطاً في عالم المنظمات السرية وعالم الإدارة والسياسة ...
يشرح الكاتبان في مقدمة المؤلَّف ص 5 ما يريدانه من التأليف فيقولان : " هذا الكتاب يشرح ما سيحدث فيما إذا لم يكن أحد مسئولاً ، إنه يتكلم فيما إذا لم يكن هناك هرمية قيادية ، فأنت ستعتقد أنه سيكون هناك فلتان ، وحتى ربما فوضى ؛ لكن في كثير من الساحات حين تفتقر إلى وجود القيادة التقليدية ، فإن هذا يمنح فرصة لصعود مجموعات قوية تقلب الشركات والمجتمعات رأساً على عقب . " ولا ينسى الكاتبان أن يدللا على ذلك بمثال أليف ربما لكل سكان هذا الكوكب ، وهو مثال القاعدة وأسامة بن لادن حين يقول في ص6 : " ماذا يستطيع أن يفعله شخص من داخل كهفه ، إن القاعدة تستطيع أن تفعله ، لأن ابن لادن يقوم بدور القيادة غير التقليدية أبداً . "
يضرب الكاتبان بعد ذلك مثالاً آخر للتدليل على نظريتهما ، وهو ما فعله تاجر عام 2001 حين قدم معلومات وخدمات مجانية للأطفال في كل أرجاء العالم وعلى الإنترنت ، ولم يظن يوماً أن جهوده ستؤدي بملايين الأطفال إلى استخدام شيء ما يقال له " ويكي" ، وهي عبارة عن تقنية معلوماتية تسمح لمستخدمي المواقع بتحرير مضمون المواقع بأنفسهم ، كما في مواقع الويكيبيدديا وغيرها ، وينشئ بذلك أكبر مخزن معلوماتي في عصرنا .
وبالتالي فإن سبب نجاح كل الموسوعات القوة الخفية الدافعة والمحفزة لها ، وبقدر ما تكون قوياً وقاسياً في التعاطي معها ، بقدر ما تنتشر أكثر وأكثر ، وبقدر ما تبدو وكأنها فوضوية وغير منظمة فهي في الحقيقة غير ذلك ، بل وفي تصاعد ونمو ، وكلما حاولت التحكم والسيطرة عليها ، تغدو أبعد ما تكون عن التنبؤ بها ، وبنتائجها.. وبالتالي فإن المجموعات الفوضوية تمكنت أخيراً من هزيمة المؤسسات صاحبة المؤسساتية ، لقد تغيرت قواعد اللعبة ، هكذا يختم المؤلفان مقدمتيهما ليضعا في نهاية الكتاب عشر قواعد للعبة الجديدة التي يتحدثان عنها ضمن مساق هذا الكتاب القيم ...
في الفصل الأول يركز الكاتبان على لغز مجموعات الأباتشي الإسبانية المتمردة ، و التي قاومت القوات الأسبانية لمئات السنين ، ويقول المؤلفان في ص 19 : " خاض الأباتشي معارك و لمئات السنين ، والسؤال كيف ظلوا أحياء بعد ذلك كله ؟؟!! لقد وزعوا السلطة السياسية ، وجعلوا السلطة المركزية قليلة جداً ، فالأباتشي احتفظوا بوجودهم لكونهم لا مركزيين . " ويتابعان فيقولان : إن المنظمات المركزية سهلة على الفهم ، فالمركزية تعني قائداً واحداً يتخذ القرار ، ومقيم في مكان واحد ، وبالتالي القدرة على فهمه والتعاطي معه أمراً سهلاً .. أما في الإدارة اللامركزية فليس هناك قائد مركزي ولا مكان قيادة محدد ، وكذلك لا توجد هرمية تنظيمية ، وكل قائد محلي له سلطات محددة وقليلة ، فهو يؤثر على من حوله ، وهو ما دعا نيفينز إلى تسمية ذلك بالنظام المفتوح ، إذ أن كل واحد مخوّل في أن يتخذ قراره بنفسه ، ولكن هذا لا يعني أن اللامركزية في القرار تعني الفوضى ، فهناك قوانين وقواعد عامة تحكم الجميع ، لقد كان الأباتشي محصنين عن القضاء عليهم بسبب الغموض الذي يكتنفهم ، وهو نفس ما تتحلى به القاعدة وطالبان وغيرها من المنظمات المسلحة هذه الأيام ...
حين سعت القوات الإسبانية إلى القضاء على الأباتشي هاجمتهم ، فتحولوا إلى لا مركزيين أكثر من السابق ، وتقوّوا أكثر من ذي قبل ، وحين هاجمت الحكومة بيوتهم في قراهم تحولوا إلى مجموعات من البدو الرحل ، فباختصار الإدارة اللامركزية واللامركزيون لديهم قدرة كبيرة على التأقلم مع المتغيرات والمستجدات أكثر بكثير من المستقرين والمتنعمين في القيادة والإدارة المركزية ... فحين يتم مهاجمة اللامركزيين يتفرقون ويتشتتون ، ويصبحون أكثر انفتاحاً ولامركزية ، وهو ما حصل مع القاعدة في أفغانستان ، فبعد الضربة تشتت عناصرها في الآفاق ، وغدوا أكثر خطراً على الأميركيين ، وخلقوا أطرافاً أخرى لنجمة البحر في العراق وجنوب شرق آسيا والصومال وغيرها ...
يبحر بنا المؤلفان في عالم وبحر الانترنت ويقولان : إن موقع كازا للموسيقى يلعب دور اللامركزية أيضاً ، إذ سمح لمرتاديه بتنزيل أشرطة الموسيقى دون وجود سيرفر مركزي ، ويقارن المؤلفان الكازا بالاب
اتشي من حيث اللامركزية فلا قيادة رئيسية موحدة ، والرواتب قليلة ونحو ذلك من متطلبات اللامركزية ..
عنون المؤلفان للفصل الثاني بـ " العنكبوت ونجمة البحر ورئيس الانترنت " ، وهنا يتحدث المؤلفان عن إدارة الكوارث الطبيعية فيضربان مثالاً في ص 39 على كارثة إعصار كاترينا 2005 فيقولان : " حين وقع هذا الإعصار المدمر كان الناس على الأرض لديهم المعلومات الكافية والمهمة لإدارة شئون أزمتهم ، لكنهم كانوا بلا صلاحيات في تطبيق خطة إنقاذ عملية وواقعية ، فالمخرّب والمفسد الحقيقي في هذه الحالات هو النظام الإداري للمسألة . "
ما زلت أقارن بين طريقة تعاطي الأهالي والمجتمع المدني في المالديف وسيرلانكا التي رأيتها أثناء تغطيتي لأحداث تسونامي ونجاحهما الخارق في التعاطي مع تلك الأزمة ، وبين النظام البالي البيروقراطي الذي ينتظر الأوامر وينتظر العلاوات على خدمته كما الحال في حكومات تلك المنطقة والحكومة الباكستانية خلال كارثة الزلزال أو كوارث الفيضانات ...
لقد تواصل المجتمع البشري إبّان مرحلة الثورة الصناعية عبر الهاتف والتلغراف والبريد ، حيث كان يسيطر على العالم بضع شركات وعدد من القراصنة الذين غيّروا وجه الثورة الصناعية العالمية ، لكن خروج الانترنت علينا الآن قلب الأمور رأساً على عقب في أقل من عقد " عقب هكذا يقول المؤلفان في ص 41 ، ويضع الكاتبان هنا بضعة أسئلة لمن يريد أن يتعرف فيما إذا كان النظام عنكبوتياً ، فيقولان عليكم أن تسألوا أنفسكم الأسئلة التالية :
1- هل هناك شخص قائد ؟ فالنظام الإكراهي يعتمد على النظام والتراتبية ، أو بعبارة أخرى على شكل الهرم ، وبالتالي هناك قائد بخلاف النظام الآخر الذي هو نظام مفتوح ولا قائد محدد معروف المكان .
2- هل هناك مركز للقيادة ؟ كل منظمة عنكبوتية لديها مراكز قيادية معروفة المحل والمكان ، أما المنظمات المتخذة من نظام نجمة البحر نظاماً فليس لديها مراكز قيادية دائمة ، ولا بريد معروف ، فهي موزعة على عشرات ، بل ومئات التجمعات ، وبالتالي يصعب ضربها والقضاء عليها ، كما حصل مع ضربة القاعدة للحادي عشر من سبتمبر ، فلاحقها التحالف الدولي ، لكنه لم يتمكن من القضاء عليها لكون مقر القيادة والبريد وكل شيء مجهول وغير معروف ...
3- هل الضرب على الرأس يقضي عليها ؟ ضرب رأس العنكبوت يقضي عليه ، ولذلك فالمساعي تتجه دائماً إلى محاولة اغتيال الرئيس وغزو الجيش للعاصمة ، أما نجمة البحر فليس لديها رأس ، ولذا حين قتل الأسبان ناتانز كقائد للأباتشي حل آخر محله ، وهو ما عنى أن برنامج الأباتشي ونحوها من المنظمات العاملة على طريقة نجمة سار بعد قتل نانتاز أو شبيهه دون أي تأثر أو تضرر...
4- هل هناك أدوار توزيعية واضحة ؟ ففي النظام المركزي العنكبوتي هناك أقسام وأفرع مرتبطة بالرأس ، بينما في النظام الآخر لنجمة البحر كل واحد قريب من طرف النجمة ويقوم بالدور المنوط به ، ولا داعي ليبلغ الأطراف الأخرى بما ينبغي أن يفعله .
5- لو قطعت وحدة معينة ، هل تتضرر المؤسسة ؟ فكل وحدة من نظام اللامركزية تتمتع باستقلال ذاتي عن الوحدات الأخرى ، وهو ما يفتقر إليه النظام المركزي العنكبوتي .
6- هل المعرفة والسلطة متركزة أم موزعة ؟ فالمعرفة في النظام العنكبوتي مركّزة في الرأس والمركز ، أما نظام نجمة البحر فكل فرد يفترض أن لديه معرفة وصلاحيات متساوية مع الأفراد الآخرين .
7- هل المنظمة مرنة أم متشددة ؟ فالنظام اللامركزي فضفاض ومرن ، والأطراف عادة ما تستجيب وبسرعة إلى القوى الداخلية و الخارجية ، فهي تنتشر وتنمو باستمرار ، وتنتشر وتتقلص وربما تموت ، ثم تعيد الظهور من جديد ، وهذه الخاصية تجعلها مرنة جداً ، فمواقع الانترنت الأقرب إلى النظام اللامركزي ، آلاف المواقع تظهر ومئات وربما الآلاف تموت بالمقابل ، أما النظام المركزي فمركزي ومتشدد ولا يستطيع أن يقرر موظف البنك شيئاً ما لم يعد إلى المركز والرأس .
8- هل تستطيع عدّ الموظفين أو المشاركين ؟ ففي النظام اللامركزي لا تستطيع عدهم ومعرفتهم ، فهي مهمة مستحيلة ، فكم عدد مستخدمي الانترنت أو الجالسين على الكومبيوتر ليشاهدوا فيلماً أو موقعاً ؟!! من الصعب حصرهم ، فالقوات الاسبانية تستطيع أن تعرف عدد قواتها ، أما قوات الأباتشي فمن الصعب معرفة عدد أفرادها .
9- هل عمل المنظمات ممولة من رأس المنظمة ، أم كل وحدة وقسم ذاتي التمويل ؟ ففي النظام اللامركزي كل وحدة مستقلة عن الأخرى ، وبالتالي فهي ذاتية التمويل وتعتمد على نفسها ، بخلاف النظام المركزي الذي يعتمد على تمويل الكل من المركز ، وبالتالي تستشري البيروقراطية ، قاتلة روح الإبداع والمبادأة .
10- هل مجموعات العمل تتواصل بشكل مباشر أو من خلال وسيط ؟ ففي النظام المركزي المعلومات المهمة في القيادة المركزية للمنظمات ، وتتجه كل المعلومات إلى القيادة ، بخلاف النظام الآخر ..
ينتقل الكاتبان في الفصل الثالث إلى الحديث عن نظام وخواص نجمة البحر تحت عنوان " بحر نجمة البحر" ، فيبحران بنا في عالم الانترنت وشركاته للتدليل على صوابية نظرتهما تجاه نجمة البحر واللامركزية ، ويخلص الكاتبان في ص 67 إلى نتيجة مهمة تقول : " لقد تعلمنا درساً مهماً من منظور الناس ، وهي أنهم لا يهتمون أو يعتنون فيما إذا كان النظام المتبع عنكبوتياً أو نجمة بحر ما داموا يحصلون على حريتهم ، ويعملون كما يريدون ، وبالتالي فهم سعيدون بتلك الحرية . " ثم يقول الكاتبان إن الجار في النظام المفتوح يعد أكثر وأكبر من مسألة جار قريب من منزلك ، لكن مع اعترافه أنه حين تمنح الناس الحرية تحصل على بعض الفوضى ، ولكن تنال أيضاً إبداعاً حقيقياً لأن كل واحد يسعى للمساهمة ، ويجهد نفسه من أجل تلاقح الأفكار ونضجها .
في الفصل الرابع يغوص المؤلفان في خصائص الأطراف الخمسة لنجمة البحر ، ويعدان كل طرف مرتكزاً أساسياً لنظام اللامركزية ، فالطرف الأول بنظرهم هو عبارة عن الدوائر ، فكل مجموعة أباتشي إسبانية تشبه الدائرة ، من حيث الاستقلالية والحكم الذاتي ، إذ يعدّ كل فرد عضو في الأباتشي إما بالولادة أو بالتبني أو بالاستيلاء ، وبانضمامك تكون كامل العضوية وتقدم أفضل ما لديك ، فالانترنت سمح للدائرة أن تصبح واقعية ، كما ينضم العضو من كومبيوتره دون أن يغادر بيته ، وهنا تكون الدائرة مستقلة القرار وذاتية التمويل ، وتدير نفسها بنفسها ما دام الاتفاق قائماً على الأطر والقوانين العامة التي تخدم النظام اللامركزي وإيديولوجيته .
الطرف الثاني هو دور المفاعل الكيميائي ، فحين تضع النيتروجين والهيدروجين في مكان ما وتأتي بعد يوم فلن يحصل شيء ، ما لم تضع الحديد وسطهما ، فهو الذي يقوم بدور المفاعل الكيميائي بينهما ، ويحقق قيام المعادلة الكيميائية ، هذا العنصر هو الشخص الذي يبدأ عمل الدائرة ثم يتوارى بعيداً إلى الخلفية ، وفي حال الأباتشي الإسبانية فقد كان نانتان يلعب دائماً هذا الدور ، فالعنصر الكيميائي حين يرى أن عملية التفاعل حصلت ووقعت يغيب ويتوارى ، فقد حقق هدفه ، فهو عنصر ملهم للآخرين ، لكن يظل دوره محسوساً به ، حتى بعد غيابه وابتعاده .
أما الطرف الثالث فهو الإيديولوجية ، فلا بد من إيديولوجية لهذا النظام ، كحافز لهذه المجموعات ، ومصدر الهام لهم ، فالإيديولوجية لمواقع الموسيقا " إي مول " هي توفر عملية تبادل الموسيقا فيما بين الأعضاء ، أو حصول أي شيء مجاناً من قبل مواقع انترنتية معروفة ، فهي الأيديولوجية في عالم المال والأعمال ، بخلاف الأمر في التنظيمات السياسية والفكرية .
وهناك الطرف الرابع الذي هو الشبكة الموجودة أصلاً ، بحيث أن البرنامج معروف للجميع ، والكل يتحرك لنجاحه ، بخلاف النظام المركزي الذي ينتظر الأوامر من عل ، وهو ما يحد من عملية الإبداع ، وبالتالي حتى لو كانت هناك أفكار إبداعية لا يُعلم من هو صاحبها ومخترعها ، أو مشجع عليها ، فربما يسرقها غيره بخلاف النظام اللامركزي ، الذي يتحرك ضمن دوائر صغيرة عدد أفرادها قلائل ، وبالتالي يصعب سرقة اختراعات وجهود الآخرين .
الطرف الخامس هو الرائد ، فإن كان المفاعل الكيميائي يتمتع بالجاذبية ، فإن الرائد ينقل العملية إلى مرحلة أكثر تقدماً ، فالمفاعل الكيميائي يربط الناس والمجموعات بعضها ببعض لينقلها الرائد إلى مستوى متقدم ، فالرائد عادة لا يعمل ضمن التراتبية المعروفة ، وإنما يعمل كالمفاعل الكيميائي بفضاء بعيد عن التراتبية والهيكلية ، وبالمحصلة هذه الأطراف الخمسة تعمل بشكل توافقي و انسيابي لتخدم الفكرة والبرنامج الأساسي للحركة أو الشركة ... الخ
الفصل الخامس يخصصه الكاتبان للمفاعل الكيميائي لأهميته ، ويتحدثان عن القوة الخفية للمفاعل الكيميائي ، فخلف كل الشركات والمواقع الانترنتية وكل ما يمت إلى اللامركزية بصلة مثل الويكبيديا والكاز للموسيقى وغير ذلك هناك عنصر مفاعل كيميائي هو القوة الخفية لنجاح كل هذا العمل الكبير ، شخص صاحب رؤية وفكرة ، و إيجابي ، وجاد وحريص على العمل ومثابر ومحترم وفارض احترامه على الآخرين ، وكل الصفات القيادية التي تخوله أن يمارس هذا الدور المنوط به ، ويخوض هنا الكاتبان في توظيف الشركات الكبرى لشخصيات من هذا النوع الذين قلبوا الشركة رأساً على عقب ونقلوها من مرحلة الخسارة إلى الربح ، أو من مرحلة الربح إلى الربح والتطور الأكبر ...
ينتقل فينا المؤلفان بعد ذلك إلى أدوات المفاعل الكيميائي ، وهي اهتمام حقيقي بالآخرين ، واتصالات واسعة مع الآخرين ربما يصل علاقاته مع الآخرين إلى الآلاف ، وقدرة كبيرة على التخطيط بمعنى وضع الناس في الأماكن المناسبة التي يخدمون فيها ، ورغبة في المساعدة ، فإرادة المساعدة هي الوقود الذي يدفع المفاعل الكيميائي على ربط الناس بعضهم ببعض ، ثم الحب والرغبة للعمل ، ومقابلة الناس حيث يكونون بمعنى الذهاب إليهم ، فثمة فرق بين الحب والرغبة في العمل ، وفي أن تكون المبادر والمتجه إلى الناس ولقائهم ، وهناك أداة أخرى وهي الذكاء العاطفي ، إذ كل الأشخاص الذين يمثلون عنصر المفاعل الكيميائي إنما هم عباقرة ويقادون بالعاطفة ، وكل ذلك لا بد له من الثقة بالآخرين ، والأداة الأخرى هي الاستلهام ، إذ أن كل واحد منهم يؤمن بالأحلام الكبرى ، وهناك الأداة ما قبل الأخيرة ، وهي التسامح مقابل الغموض ، فالمفاعل الكيميائي بحاجة إلى تسامح عال المستوى ، للحفاظ على خاصية الغموض ، كون المنظمات اللامركزية مائعة ، ومن تعوزه الأوامر والهيكلة سيغدو مجنوناً بسرعة كبيرة ، فمنظمات نجمة البحر بحاجة إلى الغموض للبقاء ، ولكن ما أن ينتهي دوره ينبغي عليه الانسحاب من مكانه ، وإلا فسيحوّل المنظمة إلى منظمة عنكبوتية مركزية القرار والعمل ..
وفي الفصل السادس يتحدث المؤلفان عن طرق ووسائل محاربة اللامركزية فيقولان عن القاعدة بأن قيادتها لا تصادق على كل هجوم يُشن ، فأعضاؤها يتبنوا عقيدتها ويستنسخون عملها السابق ، وحتى أن عدداً من المجموعات تستخدم ماركتها المسجلة ، ولمحاربة اللامركزية يقترح المؤلفان في هذا الفصل عدة خطوات واستراتيجيات :
1- الاستراتيجية الأولى : تغيير الإيديولوجية ، والمقصود بها هنا في حال المجموعات المسلحة والإيديولوجية هو خلق شخصيات وجهات وأفراد داخل المجموعة للانفصال عنها ومحاربتها ، كما حصل في اسبانيا بخلق مجموعات موازية ، بحيث يمنح المتنفذون في هذه المجموعات أدوات التأثير على الناس ، وسعت الحكومة الباكستانية والأميركية بنظر الطالبان في هذا الأمر بخلق قائد طالباني محليّ هو ملا نذير ليواجه مقاتلي الأوزبك في باكستان ، والبعض يضع دعم الأميركيين والحكومة الأفغانية لبعض المسلحين ومجلس الأنبار في العراق لقتال تنظيم القاعدة في نفس الإطار..
2- الاستراتيجية الثانية : جعلهم مركزيين كمثال الأبقار في اسبانيا ، فقد ظل الأباتشي خطر على الأميركيين حتى عام 1914 ، فتعذر على الجيش هزيمتهم ، فاختاروا مجموعة نافاجو وهم من الأباتشي وغدت تابعة لهم ، ومنح زعيمهم قطيعاً من الأبقار والأغنام ، وبدأ يوزعها على الناس ، وهم يتجمعون حوله لتتحول المنظمة إلى مركزية يمكن التعامل من خلالها مع زعيم واحد ، بعد أن تراجع دور الأباتشي المقاومين وانفض الناس من حولهم ..
3- الإستراتيجية الثالثة : اجعل نفسك لا مركزيا ، ففي حال محاربة اللامركزية فمن الأفضل الانضمام إلى النظام وصنع نجمة بحر أخرى ، فتغيير الإيديولوجية تعني تغيير الحمض النووي للحركة أو المجموعة والشركة ، وعن موضوع خلق نجمة بحر موازية يتحدث المؤلفان عن زيارتهما لكينيا ، وكيف أن بعض السكان العاديين يعرفون تحركات بعض عناصر القاعدة الذين استهدفوا السفارة الأميركية ، وكيف أنهما التقيا بعض الناس ، وحدثوهما عن معرفتهم بسكن عناصر القاعدة ، ليتساءل المؤلفان بعدها ، لماذا لا يتم شراء هؤلاء الذين يعرفون تحركات عناصر القاعدة ، ويكونون مجموعات موازية تقاوم القاعدة .
في الفصل السابع يتحدث الكاتبان عن المنظمات الهجينة ، والتي تأخذ شطراً من المركزية وشطراً آخر من اللامركزية بما يخدم مصالحها وأهدافها ، ويضرب أمثلة على تغيير شركات من المركزية إلى اللامركزية مثل جنرال موترز على يد جاك ويلش مديرها السابق ، والذي يعد مثالاً إدارياً رائعاً ، فقد كتب كتاباً مهماً عنوانه " الفوز " ، ووضع ويلش خطة للشركة قفزت فيها من رأسمال 12 بليون دولار عام 1981 إلى 375 بليون دولار بعد خمس وعشرين سنة من وضع الخطة .
أما الفصل الثامن فيتحدث عن نقطة أعتقد جازماً أنها تشغل بال الكثيرين كما شغلت بالي أنا حين قراءة هذا الكتاب ، وهي نقاط الاحتكاك بين المركزية واللامركزية بحيث تكون أحياناً قد اعتمدت النظام الأول ، لكن تجد نفسك في نقطة معينة مضطر إلى السير مع النظام الثاني أو العكس ، وهنا يتحدث عن تجربة اليابان وكيف أنها تتبع نظاماً هجيناً مشتركاً بين المركزي واللامركزي ، ويشير إلى التباينات الثقافية بين الأميركيين واليابانيين ، ويعزو نجاح غزو السيارات اليابانية العالم هو اكتفاؤهم بالربح اليسير مبررين ذلك بالقول بأن ثقافتهم الكونفوشيوسية تعني ما يسمونها طريقة زين ، أي الربح القليل وأن الهدف والغاية من العمل هو التحسن والترقي واستمرارية العمل برؤية أوسع واقتدار ، والاعتماد على النفس ؛ بينما العقلية الأميركية تعتمد على الربح الفاحش .. ولنضرب مثالاً على بيع الموسيقى على الانترنت ، فربما تكون النقطة الحساسة للامركزية هنا أن يتم الحصول على مبلغ مالي مقابل تنزيل هذه الموسيقى ، وبالتالي تتجه المنظمة أو الشركة في هذه النقطة تحديداً إلى المركزية مخالفة تركيبتها وهيكليتها الأصلية كشركة لا مركزية ..
في الفصل التاسع والأخير وتحت عنوان عالم جديد يضع المؤلفان عشرة قواعد للتعاطي مع اللعبة الجديد للعالم ، وهي تراجع المدى الاقتصادي ، وتأثير الشبكة ، وقوة الفوضى والمعرفة حتى آخر مدى أي منظمة أو شركة ، والحرص على مساهمة الجميع ، والحذر من الاستجابة لما يوصف بالهايدرا ، وهو حيوان مائي متعدد الرؤوس كلما قُطع منه رأس نبت آخر ، وهناك قاعدة المفاعل الكيميائي ، ومنظومة القيم ، وعملية القياس والمراقبة والإدارة ، ومعرفة فيما إذا كانت المؤسسة تتجه أكثر إلى اللامركزية أو العكس ، وفيما إذا كانت هناك القدرة بحيث تغير الإيديولوجية في جعل المنظمة من لامركزية إلى مركزية ، والأمل المفضل هو أن تضرب المنظمة بالانضمام والالتحاق بها ، ثم تغيرها وتبدلها ...

الأحد، يونيو 17، 2007

مقتل الرجل الثانى ( الجزء الثانى) عبد الحكيم عامر

الرجل الثاني الجزء الثانى
يسري فوده: هكذا بدا جمال عبد الناصر في مؤتمر الخرطوم عام 67، بعد يومين اثنين ن تحديده إقامة عبد الحكيم عامر، مر أسبوعان على المؤتمر فكان هذا عنوان الأهرام، ومرت سنوات طويلة قبل أن يجرؤ خبير في السموم على مواجهة خطوط الحكومة.
د.على محمد دياب (خبير السموم بالمركز القومي للبحوث): والله أنا كتبت في التقرير يعني هذا السن وجربه بالكشف البيولوجي على اللسان وغيره وغيره، أن أشك للحظة واحدة أن المشير انتحر، هو قتل بوضع السم له في عصير الجوافة الساعة السادسة تماماً، وهذا واضح تماماً، وكل من يقرأ هذا التقرير ويقرأ التقرير الآخر، يعرف إن دوكها مبني على باطل وليس على كلام صحيح، لإنه غير مبني على علم.

الصداقة الحميمة بين جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر
يسري فوده: لا توجد قطرة من الشك لدي أبناء المشير عبد الحكيم عامر وعائلته كلها في أنه مات بفعل فاعل، هكذا يعيشون على نياشينه وعلى ذكراه، بقيت نياشينه لكن ذكراه من بعد عام 67 محيت تماماً من ذاكرة مصر بفعل فاعل، إلا فيما يتعلق بكل ما هو سيئ، يراد لنا أن نفهم أنه وحده الذي امتطى ظهر الشعب المصري وأنه وحده المسؤول عن انهيار حلم الوحدة العربي، وأنه الحشاش زير النساء، وأنه وحده المسؤول عن نكسة يونيو/ حزيران، ثم يراد لنا من بعد ذلك كله أن نفهم أنه مات ميتة الكافر، إن لم يستطع أحد أن يقطع بأن جسده قد اغتيل، فإن كثيرين يقطعون باغتيال شخصيته، كم مصرياً وعربياً أتيح له أن يرى صورة لرجل عادية في لحظة إنسانية، بل كم مصرياً وعربياً أتيح له أن يستمع إلى نبرات صوته ، قناة (الجزيرة) فتشت بين تراب المخازن حتى عثرت على بعض من ملامح الرجل.
صوت/ عبد الحكيم عامر (1959): أقول لهم أنه لا فرقة في الجيش ولا فرقة في الشعب، بل الشعب والجيش كتلة واحدة، ,وإن أهدافنا كلها واحدة، وزعامتنا واحدة، ونحن نسير في طريق واحد، جمال عبد الناصر أمامنا ونحن من خلفه في سبيل تحقيق الأهداف العليا.
جمال عبد الحكيم (أكبر أبناء عبد الحكيم عامر): هم يعني كانوا لا يفترقوا فحتى في كما كانوا بيصيفوا في المعمورة، البيتين اتبنوا زي بعض بالضبط، وبينهم شارع فكانوا يومياً بيقضوا يعني ما فيه في المصيف، يبقوا يومياً متواجدين مع بعض، ما فيش حد ثاني يعني، وإحنا والأولاد مع بعضينا، ويقعدوا بقي يعني يقضوا إلىوم كده على البحر، بالليل برضة، إذا ما كانش فيه حاجة تتعمل في الشغل أو غيره، بيبقوا موجودين مع بعض يتفرجوا على فيلم، يقعدوا مع بعض كانت دية العلاقة لأن هو إحنا الأولاد والبيت كلنا مختلطين بقى يعني طول الصيف.. الصيف دا أيامها كان 3 أشهر مش زي دلوقتي، الناس بتقعد في الإسكندرية 3 شهور.
حسين الشافعي (نائب الرئيس جمال عبد الناصر): يعني لدرجة إنه لما حصلت أزمة محمد نجيب بعد تقديمه الاستقالة بتاعته في 23 فبراير، سنة 54 بدأت الأحداث تتطور واللي انتهت فيها إلى إنه تم يعني إلقاء مسؤولية قيادة القوات المسلحة إلى عبد الحكيم عامر، وتمت ترقيته إلى رتبة اللواء.
جمال حماد (من الضباط الأحرار): هو كان بيقول لك أنا وعبد الحكيم، بأعتبر نفسي شخص واحد، فهو اللي أصر أن عبد الحكيم يكون القائد العام للقوات المسلحة رغم اعتراض محمد نجيب، رغم اعتراض البغدادي، لكن أصر ، لأنه عارف إنه بهذه الطريقة حيبقى هو القائد السياسي، وفي نفس الوقت القائد العسكري، لأن عبد الحكيم الصديق الحميم الوفي الخلص، صديق العمر، هيتيح له


الفرصة إنه هو يسيطر على القوات المسلحة ويتيح لمن يشاء.
أمين الهويدي (وزير الحربية/رئيس المخابرات- سابقاً): ثورة قايمة، كل الناس بتحاول تلوي ذراعها، وكما قامت الثورة من داخل القوات المسلحة، كان يخشى أن تقوم ثورة مضادة من داخل القوات المسلحة، فكان من الطبيعي أن تؤمَّن هذه القوات بإجراءات عديدة من ضمنها إن المشير عبد الحكيم عامر -ما عدتش فاكر والله كان وقتها لواء أو أيه- هو اللي يمسك القوات المسلحة.
عبد الله إمام (الاتحاد الاشتراكي سابقاً): أنا أستطيع أن أقول أن هذه كانت صداقة مستحيلة، وعلاقة معقدة، ومأساة مازلنا نعاني من نتائجها حتى إلىوم، وأن هذه المأساة هي في جانب منها هي مأساة العالم الثالث، مأساة الرجل الأول والرجل الثاني خاصة عندما تربطهما عاطفة قوية وجارفة تتغلب على كل.. كل النوازع الأخرى.
مصطفى عامر (شقيق عبد الحكيم عامر): ما كناش نقدر نتكلم على عبد الناصر قدامه، يعني.. يعني أنا برضو كنت يعني أقايس وأقول كلمتين كده، لكن هو ما يقبل همش برضو، ما كانش يقبل عليه أي حاجة.

سامي شرف (مدير مكتب عبد الناصر للمعلومات): إثنين صعايدة، إحنا عارفين يعني أيه الصعايدة، يعني كلنا إحنا هنا في مصر نعلم يعني أيه الصعيدي، أيه صفات الصعيدي، فيه جدعنة وفيه شهامة وفيه وفاء، وفيه تواضع، وفيه صفات كثيرة قوي في الصعيدي المصري، هم الاثنين صعايدة، واحد من أسيوط والثاني من المنيا، زمالة.. توأمة.. قوة.. مصاهرة، مثلاً لما كنا نجيب حاجة خاصة حتى للريس عبد الناصر كان في نفس الوقت ييجي لعبد الحكيم عامر زيها قميص.. بدلة.. كرافته، جزمة، الحاجات الشخصية يعني على الصعيد الشخصي، وفي نفس الوقت الورقة اللي كنت أدخلها لجمال عبد الناصر كنت في نفس الوقت أديها لعبد الحكيم عامر.
جمال عبد الحكيم عامر: وأنا صغير يعني كنت في مدرسة وكده سنة تقريباً فشافني كده ماشي معايا ييجي 5.. 6 عيال فسلم علينا كدة وبعدين شوية كدة وقعدت معاه، فبيقول كل دول أصحابك قلت له آه، قال لي إزاي، مش ممكن يكونوا كل دول أصحابك، قلت له فيها أيه يعني، قال أنا ما ليش إلا صاحب واحد جمال عبد الناصر.
الانفصال عن سوريا واستقالة عبد الحكيم عامر
صوت جمال عبد الناصر: ولقد انتهت محادثاتنا إلى إعلاه الوحدة رسمياً وتوقيع هذا الإعلان في يوم السبت الأول من فبراير سنة 1958.
جمال حماد: وكان عبد الحكيم متعين الحاكم، حاكم سوريا، كان بيحكم هو الحاكم بتاع سوريا، وكان هو القائد العام للجيشين المصري والسوري، وكان مكتبه في رئاسة الأركان السورية اللي موجودة في منطقة أبورمانه.
حسين الشافعي: إلى أن حدث الانفصال مع سوريا في 28 سبتمبر 61، جمال عبد الناصر اعتبر إن دي يعني فرصة علشان يحط عبد الحكيم في حجمه وما يبقاش منفرد بشؤون القوات المسلحة كما كان الأمر.
جمال حماد: فكان موقف عبد الحكيم عامر، موقف سيئ جداً، لأن أتضح إن أحد ما يري مكتبه وهو المقدم عبد الكريم النحلاوي من.. من زعماء الانقلاب، المشير عامر نفسه قال له أنا بقى يجب أمشي، دا المشير عامر سهلها له كمان وقال له أمشي، فقال له.. ووافق على هذا
أمين هويدي: لم يكن مقتنع لسة، أنا بقناعتي أنا بأقول لك إنه كان لازم يتغير، ما غيرش لكن ما لوش عذر سيادة الريس إن بعد الانفصال ما يحصلش تغيير.
جمال حماد: وحتى يعني طلب منه إنه هو بقى يعزل بعض القادة، فقال له إديني شهر مهلة وأنا أمشيهم، وبعد شهر لم يحدث شيء، وفضلوا زي ما هم،
حسني الشافعي: فأتخذ بعض الإجراءات، أنا بأعتبرها يعني شكلية ولا تقدم ولا تؤخر، يعني مثلاً غيَّر اسم القائد العام إلى
يسري فوده: نائب القائد الأعلى
حسين الشافعي: نائب القائد الأعلي، وأيضاً شكل مجلس رئاسة، ووضع فيه عبد الحكيم كعضو من أعضاء مجلس الرئاسة، وبرضو دي عمليات شكلية، ما هو مازال يعني في خندق القوات المسلحة.
جمال حماد: وبعدين تنبه بعد كده وربما يكون قالوا له ده المجلس ده يعني أُنشئ خصيصاً لعزلك عن القيادة.
حسين الشافعي: الإجراء الوحيد اللي يعني كان له المفروض فاعلية وله قيمة حتى برضو لما جه يتخذه جمال عبد الناصر بقى يعني بيتخذه بمحاسبة شديدة، فبعت مشروع القانون إلى مجلس الرياسة لمناقشته، ويعني عمله زي ما يكون بالون اختبار يشوف هيمر أو مش هيمر.
أمين هويدي: مجلس الرئاسة اجتمع ولم يحضره عبد الناصر، واللي كان رئيس المجلس ده السيد عبد اللطيف البغدادي -الله يرحمه-، لما عرض كده المشير ترك الجلسة وتنه ماشي.
حسين الشافعي: لأنه مش عايز يبقى فيه أي تدخَّل، لأنه كان من ضمن نصوص القانون إن الترقيات فوق درجة العقيد من عقيد من وطالع اللي هي بتولى القيادات ما يتمش إلا عن طريق مجلس الرئاسة.
جمال حماد: بعدها بأيام قلائل راح شمس بدران برسالة إلى عبد الناصر عبارة عن استقالة عبد الحكيم عامر، قال له: فين عبد الحكيم عامر؟ قال له: لا أعلم، هو خد عربية صغيرة، يقودها على شفيق سكرتيره العسكري، وانطلق لا أعلم إلى أين.
حسين الشافعي: وجمال عبد الناصر يعني قعد يناقش الموضوع يمكن بيتكلم منفرداً لمدة من 3 ساعات لـ 4 ساعات، وعمال يعني يعمل.. يعني تقدير مبالغ فيه بالنسبة لوزن عبد الحكيم في داخل القوات المسلحة ويعني تقدير لا يتكافأ مع وزن جمال عبد الناصر السياسي بقى بيقول: مين مع عبد الحكيم؟ ومين مع جمال عبد الناصر؟
جمال حماد: ده كان الكلام ده في سبتمبر، في نوفمبر بقى حصلت أزمة أعنف وأشد، لأن عبد الحكيم عامر بقي بعت استقالة مسببة، وابتدا يتكلم على الديمقراطية، ابتدا يحكم على أسلوب بحكم، ابتداء يتكلم على حرية الصحافة، فالحكاية ما بقتش زي الأول بقى، يعني الأول استقالة وخلاص، لكن دي بقى استقالة مسببة.
أمين هويدي: بقى لما كان.. لما كان قبل ما يزعل عمره ما أتكلم عن الديمقراطية اشمعنى دلوقتي اتكلم على الديمقراطية، وأتوزع المنشور
يسري فوده: الاستقالة أتوزع المنشور
يسري فوده: ليه حضرتك بتسميه منشور مش استقالة؟
أمين هويدي: طيب أنا أعدل كلامي أسحب كلمة منشور وأقول استقالة، أنت مذاكر أحسن مني يعني استقالة.
جمال حماد: شمس بدران راح له قال له المشير بيقول لك أنت ما ردتش على استقالتي ، فكلمه كلام جاف يعني، قال له يعمل اللي هو عايزه.. يعني ما.. ما عملش بقى زي كل مرة ، كان بيتكلم بعنف وبعدين بقى الحكاية ما استمرتش طويلاً، لأن شمس بدران، والعجب بقى المقدم شمس بدران هو اللي يصلح بين عبد الحكيم عامر وبين جمال عبد الناصر، فتولي هو دور المصالحة بين الطرفين وأخذ راح مع عبد الحكيم عامر إلى بيت جمال عبد الناصر، وقعد عبد الحكيم عامر يتكلم مع عبد الناصر، وبكى في.. -كما قال البغدادي نقلاً عن عبد الناصر- إنه بكى عدة مرات من فرط مش.. يعني الراجل مش جبان، إنما من فرط التأثر، بكي عدة مرات على أساس إن إحنا صداقتنا هتروح هباء، فقال له إذا ضاع الأمر هتلاقيني، وإذا هوجمت أول واحد واقف على باب بيتك عشان يقاتل أنا.
حسين الشافعي: وأخيراً كان في أثناء حديثه بيشير إلى جرح موجود في ساعده الأيمن، وبيقول يعني إن عبد الحكيم يعني جرحني زي الجرح ده ما هو سايب أثر فالأثر اللي سابه عبد الحكيم لا يمكن إنه يزول.
يسري فوده: عن طيب خاطر أو مجبراً أو متحيناً فرصة أخرى أغمض الرئيس عينيه عن ازدياد شعبية المشير داخل القوات المسلحة وانطلاق يده إلى قطاعات مدنية، لكن جمال عبد الناصر كان بدأ لدى تلك المرحلة في ترجمة شكوكه سراً إلى خطوات عملية، في إحداها كلف المشير برياسة وفد مصري يزور العراق وأرسل معه أمين هويدي لأول مرة بشفرة سرية.
أمين هويدي: أي حاجة عاوزها يبعتها لي بالشفرة بتاعته الشفرة بتاعته في الوقت هذا، لأول مرة أحس إن فيه حاجة أو حاجة غير طبيعية، لأن واحد بيقول لك أنا مش عارف أعمل إيه في المشير بتاعكوا.
يسري فوده: بتاعكوا؟
أمين هويدي: بتاعكوا ده، وبيديني أنا شفرة، يعني معناها أنا اللي لي فيتو، وحصلت أحداث في الرحلة دي فعلاً استخدمت هذه الشفرة.. ، فبعدين قال لي: اتفضل أنت على المطار.
جمال حماد: قطعاً كان بيتوجس خيفةً، لأن سلطته أصبحت غير عادية، ونفس يعني مكتب الرئيس نفسه شعر بهذا وكانوا بيبقولوا له، يعني إحنا دلوقتي أصبحنا كل حاجة في إيد القوات المسلحة، الله يعني التعيينات ما فيش حد بيعين في.. في مركز كبير إلا.. لازم يخطروا ويأخذوا موافقة القوات المسلحة.
سامي شرف: جميع هذه الأزمات حصل فيها نوع من أنواع المصالحة أو إذا شئت أن نسميها نوع من أنواع الـ Compromise الحلول الوسط.
يسري فوده: تسوية
سامي شرف: تسوية
يسري فوده: لكن ألم تكن مهادنة من عبد الناصر؟
سامي شرف: شوف يعني في أزمة 62 يمكن أقدر أقول كان فيه نوع من أنواع المهادنة، غير إن كنت ابتدا إن المؤسسة العسكرية ابتدت تنتشر، وأصبح ظلها مرفرف على قطاعات كثيرة من.. من البلد.
جمال حماد: ده بقى اللي اتقال علبه إن هو يعني رئيس جمهورية مصر بشرطة
يسري فوده: الرجل الأول مكرر
جمال حماد: الأول مكرر.
حسين الشافعي: وأنا طبعاً يعني علقت على هذا إن ما حصل في 62 كان انقلاباً صامتاً، وانتقلت يعني جزء من المسؤولية إلى مكتب عبد الحكيم عامر، وطبعاً ده كان يعني موقف خطير لتداعي الأحداث بعد كده، اللي خلاني أقول إذا كان 62 بذرة، فـ 67 هي الثمرة ، وإذا كانت 62 هي البداية فـ 67 كانت النهاية.
أيام عبد الحكيم عامر الأخيرة وسيناريو الموت
يسري فوده: بدأت نهاية النهاية بعودة المشير من العشاء الذي لم يكن، ومعه قرار من الرئيس بسجنه داخل منزله.
جمال عبد الحكيم عامر: يعني حاول طبعاً.. هو عارف إن إحنا طبعاًً كنا في صدمة شديدة جداً ومش مستوعبين اللي بيحصل، وطبعاً بطريقته المعهودة مفيش حاجة، كل ده هينحل، خلاص يلا خشوا ناموا ومش عارف.. يعني هو ما.. ما حكاش أي تفاصيل عن ما دار هناك يعني أو لي أنا بالذات يعني.
يسري فوده: لكنه حكى جانباً مما اعتمل في نفسه في تلك الوصية التي كتبها قبل موته بأسبوع ونشرتها بعد ذلك بتوقيعه مجله "لايف" الأميركية، يقول فيها: وإذا كانت هذه الوصية قد كُتبت على عجل، فذلك لأنني أخشى ما هو مُدبَّر لي فقد فقدت الثقة في صديقي وأخي جمال، فلم أعد أحس بالأمن من جانبه، وما التهديدات التي أتلقاها إلا لأنني طلبت إجراء محاكمة علنية، وقبل ساعتين ضابط مخابرات ما كنت أهتم بالنظر إليه عندما كنت في مجدي، وقد هدد بأن يُسكتني إلى الأبد إن جرؤت على الكلام، وعندما قلت إنني أريد الاتصال بالرئيس، قال: إذا ظننت أن صداقتك بالرئيس ستحميك فأنت واهم، وحاولت الاتصال بالرئيس بالتليفون على مدى ثلاثة أيام فقيل لي إنه مشغول.
إنني واثق من أن هناك مؤامرة تُدبَّر ضدي.
جمال عبد الحكيم عامر: هو ما كانش فيه من وراء لا حول ولا قوة، يعني ما هو ما فيش حد خالص غيرنا إحنا ولاده، وهمَّ مسيطرين على البيت تماماً، يعني حتى البيت مفتح، يعني البيت من جوه عمره ما كان بيتقفل، يعني لا فيه مفتاح ولا.. وليه مليون مدخل، فكنا حاسين إن إحنا الناس دي عايشه معانا جوه، يعني أي حد يخش علينا في أي لحظة.
يسري فوده: ظهر الأربعاء الثالث عشر من سبتمبر/ أيلول عام 67 كان ملاك الموت يحسب ما تبقى من عمر عبد الحكيم عامر بالساعات والدقائق.
سامي شرف: فالريس قال يعني حماية لعبد الحكيم عامر لشخصه يعني نبعده عن كل احتمالات تؤذيه أو تؤذي الغير، وبناء عليه اتُخذ قرار بأنه يُنقل إلى جهة أخرى يتحدد فيها إقامته بمفرده.
جمال عبد الحكيم عامر: فقلت له ده الفريق فوزي تحت وعبد المنعم رياض قال لي: خليهم يطلعوا، فطلع الفريق عبد المنعم رياض وفوزي مارضيش يطلع، لقيت بقى طبعاً.. آه، هو نده لي قال لي انزل انده الفريق فوزي، لأ، بعت الأول نصر- الله يرحمه- أخويا قال له روح انده الفريق فوزي راح ما رجعش، فنوال أختي راحت تشوفه مارجعتش، فقال لي أنزل شوف الأولاد راحوا فين، فنزلت لقيتهم حابسينهم في أوضة تحت، فرحت داخل الصالون قلت له ده دخلوا جوه البيت فراح هو طالع قايم فتح الباب لقاهم في وشه فلقى ضابط كده تخين كده.
يسري فوده: ده والدك اللي؟
جمال عبد الحكيم: آه، قال له أنت بترفع السلاح على؟ فالثاني ما ردش، فراح هو هابطه كده في صدره، فـ(…) قال له اتفضل يا فندم طيب نقعد جوه.. وراحوا ماسكينه من إيديه وبالقوة وابتدوا يسحبوه على ظهره، فطبعاً يعني هو حاول يقاومهم.
يسري فوده: هو كان بيتكلم بيقول حاجة يعني، بيقاوم؟
جمال عبد الحكيم: هو بيقاوم طبعاً بشدة، لكن طبعاً يقاوم مين بقى، يعني عدد كبير تكاثروا عليه جداً، لكن طبعاً ما كانوش قادرين يمسكوه، وطبعاً خذوه بالقوة نزلوا بالسلم الرئيسي على.. لأن طبعاً الصحيح اللي كانا اللي لفت نظري برضو كان فيه عربية إسعاف واقفة.
يسري فوده: يقول الفريق أول محمد فوزي في شهادته التي اعتمد عليها النائب العام أنه في تلك اللحظة تناول المشير شيئاً ما ووضعه في فمه وأخذ يلوكه مما لفت أنظار عائلته وبالذات ابنته نجيبة التي كانت واقفة بجواره مشيرة إلى أن أباها تناول سُماً.
جمال عبد الحكيم عامر: نمرة 2 نجيبة ما قالتش كده خالص
يسري فوده: خالص
جمال عبد الحكيم عامر: لأ، ما حصلش
يسري فوده: إطلاقاً.
جمال عبد الحكيم عامر: إطلاقاً، ده ما اتقالش، هي.. همَّ اللي قالوا دا هنوديه المستشفى يعني طب ما هم اللي قالوا فهي اتخضت بقى اتخضت عليه، لكن ما.. لكن ما قالتش إن هو خد حاجة، ما اتقلش هذا الكلام، وهي ما كانتش قاعدة جوه معاهم عشان تقول خد حاجة
يسري فوده: الملفت للنظر أن فوزي حين توجه للقبض على المشير توجه ومعه سيارة إسعاف.
جمال عبد الحكيم عامر: لغاية ما دخلوا بقى العربية دخلوها جوه البيت، عربية مفتوحة من وراء حاوله يدخلوه حط رجله في.. في العتبة بتاع العربية ما أمكنش إنهم يدخلوه بأي طريقة عربية الإسعاف، يعني بجميع المحاولات ما أمكنش، فلما لاقوا الوضع كده وهمَّ عايزين.. يمشوا بقى راحوا جايبين عربية مرسيدس سودا كده راح راكب فركبوه في النص بينه وبين الفريق عبد المنعم رياض ومحمد فوزي وطلعوا على مستشفي المعادي.
سامي شرف: كان في العربية الفريق فوزي والفريق عبد المنعم رياض واثنين ضباط واحد من الشرطة العسكرية وواحد من الحرس الجمهوري، أذكر كان الحرس الجمهوري كان عبد الرؤوف شحاته، وضابط الشرطة العسكرية تحصل على حاجة من (…) المشير عبد الحكيم عامر، يبدو إنها وقعت حط إيده في بقه خدها منه، يعني التفاصيل أيه بالضبط أنا مش متذكر دلوقتي.
د.على محمد دياب: قالوا إن هو كان بيمضع ورقة سلوفان وقال أنا خلاص هأنتحر وطلعها من بقه، وخذوها وقالوا دي فيها أفيون، لما وصل المستشفي فيما لا يقل عن 3/1 ساعة وعملوا غسيل معدة، غسيل المعدة كان خالي تماماً من.. أصلاً لا الأفيون أو الميروفين.
يسري فوده: هذا هو التقرير الرسمي.
د.على محمد دياب: الرسمي.. الرسمي مع إن الأفيون أو الميروفين بيظل في المعدة لا يُمتص ويعني إلا بعد أكثر من ساعة ونص إلى ساعتين.
يسري فوده: معني ذلك يعني أيه يا دكتور؟
د.على محمد دياب: ملفق، يعني.. يعني لم يكن في بقه حاجة أو كان في بقه حاجة وخدوها وحطوا حاجة غيرها فقط لا غير.
يسري فوده: أجمع أطباء مستشفي المعادي على أن الرجل كان في حالة طبيعية، وأيدتهم في ذلك التقارير المعملية التي استحوذت قناة (الجزيرة) على نسخ منها، كانت الساعة تقترب من الخامسة مساءً حين كان من المفترض وفقاً للإجراءات المعتادة أن يبقى المريض في المستشفي لأربع وعشرين ساعة
جمال حماد: ونفس الفريق أول محمد فوزي كونه يصر على إن المشير يخرج قبل الساعة الخامسة لنقله إلى استراحة المريوطية بالهرم، أنا متأكد إن الفريق محمد فوزي ما قالش هذا الكلام وأصر على نقله إلا لأنه يعلم إن هو لم يتناول أي سم، وهو نفسه لما لقى أحد الأطباء بيهرول عشان يسعف المشير، قال له على مهلك.. على مهلك ما فيش حاجة، دي تمثيلية.
يسري فوده: بقيت الآن في حياة عبد الحكيم عامر ليلة واحدة، لم يكن يعلم وهو مرغم على التوجه إلى إحدى استراحات المخابرات المصرية بالقرب من أهرامات مصر- أن جثته كانت ستكتشف في السادسة وخمس وثلاثين دقيقة من مساء اليوم التالي.
جمال حماد: أما نحسب من الساعة 2,30 لما قالوا تناول السم قبل ما ينزل من مستشفى المعادي لغاية 6,35 من يوم 14 سبتمبر نجد إنها أكثر من 28 ساعة فهل ممكن علمياً.. أنا بقى بأقول الكلام ده نسأل الناس الفنيين هل يمكن لإنسان تناول السم أن.. أن.. أن.. أن لا يموت إلا بعد 28 ساعة هل هذا ممكن؟
يسري فوده: لا يمكن يستحيل..
د. محمد على دياب: يستحيل حضرتك لو جرعة مخففة تخفيف شديد لو اتحطت على اللسان يحدث ويشعر الإنسان تواً بتنميل في اللسان، يعقبه تنميل في الشفتين، لو ذادت شويه تبص تلاقي الارتجافات ورعشات في.. في الوجه وفي اليدين، ويصبح غير قادر على عمل شيء، لأنه بيقضي تماماً على.. بيعمل.. بيخفض الجهاز التنفسي، تحدث وفاة نتيجة هبوط الجهاز التنفسي.
يسري فوده: تدمر هذه الحقيقة مع حقيقة أن الرجل خرج من المستشفي كما دخلها سليماً طبيعياً، تدمر الأساس البحت الذي بني عليه النائب العام محمد عبد السلام تقريره النهائي مستنتجاً: "مما تقدم يكون الثابت أن المشير عبد الحكيم عامر قد تناول بنفسه عن نية وإرادة مادة سامة بقصد الانتحار، وهو في منزلة يوم الثالث عشر سبتمبر عام 67، قضى بسببها نحبه في اليوم التالي، وهو ما لا جريمة فيه قانوناً، لذلك نأمر بقيد الأوراق بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً".
يسري فوده: ضميرك مستريح إنه انتحر
أمين الهويدي: يا أخي الكلام ده ما يدخلش فيه الضمير.. ما يخشش الضمير، فيه قدامك.. هل أنت مصدق النائب العام، أو مش مصدق النائب العام؟ أنت
يسري فوده: هل كان
أمين الهويدي: لأ.. لأ جاوبني أنت
يسري فوده: أنا، لأ.. لأ أنا لا أحكم على نفسي.
أمين الهويدي: لما رجل مواطن..
يسري فوده: يعني أنا أحاول أن أحكم على نفسي
أمين الهويدي: يا أخي.. يا أخي يسري
يسري فوده: نعم
أمين الهويدي: أنت بتصدق كلام النائب العام، أو طاعن فيه؟
يسري فوده: والله، نحن قيل لنا أن هذا تقرير رسمي، لكن هناك شواهد، ومن حقنا أن ننظر في بعض الشواهد هل يعني بُني ذلك على
أمين الهويدي: أنت.. أنت تطعن في تحقيق النائب العام؟
يسري فوده: كثيرون طعنوا، أنا لم أطعن، أسرة..
أمين الهويدي: ما ليش دعوه بالكثيرون، احنا بنتكلم دلوقتي بالحقيقة
يسري فوده: هناك.. هناك على المستوي الرسمي
أمين الهويدي: يا سيدي الفاضل
يسري فوده: الرئيس السادات فتح الملف مرة أخرى.
أمين الهويدي: فتح وأقر..
يسري فوده: واسمح لي.. نعم
أمين الهويدي: وقال إنه مات منتحراً
يسري فوده: إذاً هناك مجال للتشكيك.
جماد حماد: أما نيجي بقي نبحث بدقة وبناحية علمية عن سير هذه الموضوع نجد أنه من المستحيل أن يكون تقرير النيابة صحيح، وبعدين.. ما احنا كمان ما حدش يقول إن التقرير النيابة هو قرآن، لأن ياما النيابة قدمت متهمين إلى المحاكم ثم صدرت أحكام المحاكم ببراءتهم.
يسري فوده: على هذا السرير بات ليلته الأخيرة، كان معه في الاستراحة أربعة، رائد طبيب إبراهيم البطاطا، وكانت نوبته نهارية، رائد طبيب مصطفي بيومي، وكانت نوبته ليلة، المرض أحمد مصطفي لطفي، والخادم منصور أحمد على، أما الطبيب إبراهيم البطاطا فقد توفاه الله، وأما الطبيب مصطفي بيومي فقد اتصلت به فاعتذر عن عدم الحديث، وأما الممرض والخادم فلم يعثر أحدٌ لأي منهما حتى الآن على أثر.
جمال عبد الحكيم عامر: تاني يوم الصبح طلب الأدوية بتاعته والكتب والمس بتاع السنان، يعني تخيل بقى واحد هينتحر حاسس بوجع السنان، طلب المس بتاع، كان هو دايماً عنده بتاع كده.. سنانه باين كان بيعمل ماس الصبح، دي طلبها تحديداً.
اللواء.مصطفي ماهر (منسق لجنة كتابة التاريخ): فالدكتور مصطفي بيومي في شهادته، و لقد استمعت منه شخصياً في لقاء خاص إلى هذه الشهادة أنه سلَّم المشير إلى الدكتور بطاطا وهو في حالة جيدة، النبض جيد، والضغط جيد، والأمور مستتبه.
يسري فوده: قام الدكتور بيومي بتسليم المشير قبيل الظهر للدكتور البطاطا الذي شهد أيضاً بتحسن حالته.
جمال حماد: وبعدين قال لك إن هو عاده الساعة الخامسة مساءاً فوجد النبض طبيعي، والضغط طبيعي، ولقاه نائم في سباتٍ عميق، ومر عليه الساعة 6 فوجده نايم، وخرج من الغرفة، نقول كات الساعة 06:05 ، في النصف ساعة دي من 06:05 لغايت 06:25 هنا حدث تناول السم.
د. محمد على دياب: السيناريو بالضبط اللي حدث إن في الساعة السادسة تماماً كان
يسري فوده: كان مساء يوم 14 سبتمبر
د. محمد على دياب: يوم 14، كان زجاجة عصير جوافه، وفيه كباية، في.. .. و يشرب، قبل الساعة 6 بالضبط وضعت له كمية محسوبة تماماً، وضعها غالباً السفرجي اللي جاي من رئاسة الجمهورية لا أحد يعرف من أين جاء، ولا من.. هل هو مخابرات أو غير مخابرات، بلع الشفطتين دول، وانتهى الأمر، يعني ماذا حدث؟ هيقول لك شربت العصير و.. ودخلت التواليت، أو دخل دوره الميه وجد نفسه انهيار الجهاز التنفسي، وعبال ما رجع سريره كان انتهي.
أمين الهويدي: وإنه يعني، توفي- الله يرحمه- قضية.. قضية إنسانية نخزن لها، ولكن القضايا الأخرى المتعلقة بالبلد وضياع جزء كبير من أرضها هي دي القضية اللي تشغل واحد في مستوى وزير دفاع ومستوى رئيس مخابرات عامة.
سامي شرف: فأنا بلغت الرئيس على طول، كان الريس في إسكندرية، وكان صدمة، يعني صدمة لنا كلنا، احنا
يسري فوده: لأ يعني، احكي بالتفصيل، كان.. ماذا كان وقع الخبر على الرئيس؟
سامي شرف: سكت، ما يعني ما.. حصل صمت، هو طلبني بعدها د. يوسف القرضاوي:ـ 3، 4 دقائق، أقل من 3،4..، يعني ما فيش دقيقتين يعني، قال لي أنور السادات، وزكريا نازلين مصر دلوقتي، كانوا في إسكندرية، وكلم وزير العدل والنائب العام وخلي وزير العدل يكلف النائب العام التحقيق في هذا الموضوع، والطب الشرعي تدخل في هذا.
يسري فوده: سلم عبد الحكيم عامر روحه، أو سلمت نيابة عنه في السادسة وخمس وثلاثين دقيقة، لكن الهاتف لم يدق في منزل وزير العدل عصام حسونة إلا في العاشرة وعشر دقائق، على الطرف الآخر وزير الداخلية: أنا شعراوي جمعة يا أخ عصام صاحبك المشير أتوكل، هأبعت لك سيارة خاصة مع ضباط أمن عشان يكونوا تحت تصرفك وتصرف النيابة العامة، لكن هذه لم تصل إلا قرب الواحدة صباحاً.
اللواء. مصطفي ماهر: هذا الرجل يموت ثم لا تتحرك النيابة العامة لكي تعاين جثته إلا بعد ست أو سبع ساعات، بعد أن تختفي أي معالم موجودة.
يسري فوده: ولم يُبلغ أخوه الوحيد الذي لم يعتقل إلا بعد ساعة أخري.
جمال عبد الحكيم عامر: هو شافه طبعاً حسب الوصف، يعني طبقاً ملبسينه بيجامة طبعاً مكوية، والدنيا متوضبه و.. يعني طبعاً هم في خلال هذه الفترة حصل إن هم طبعاً أتغطت كل أثار الجريمة اللي اتعملت يعني.
يسري فوده: اتكلمت مع
جمال عبد الحكيم عامر: يعني ما اتحفظش على.. طيب فين الجوافة اللي شربها واتحفظ عليها؟ مين اللي قدمها له ، ومين اللي.. ؟ يعني فين شهادات الناس دي كلها؟ أو هو افتراض إن الراجل دا انتحر وبس.
يسري فوده: كان هذا على الأقل رأي الأهرام، أكثر وسائل الإعلام تعبيراً عن السلطة آنئذ، بينما كان النائب العام يكاد يشرع في فتح التحقيقات.
اللواء. مصطفي ماهر: ثم أرسل التقرير إلى السيد وزير الإعلام الذي استدعي محمد فايق، الذي استدعي ثلاثة من محررين الأهرام والأخبار والجمهورية، الجرائد القومية ، وسلمهم أقول.. أقلاماً سوداء، وأشَّر لهم على العبارات التي يجب أن تسقط، وبالتإلى خرج هذا التقرير مبتوراً.
جمال حماد: فيه 55 سطر اتشالوا، من ضمنهم اللي أنا أذكره لما قرأت الكتاب إن الاثنين السفرجي والممرض كانوا من رئاسة الجمهورية.. شايف، واتضح أن الرئيس عبد الناصر أمر بأن التقرير يعرض أولاً على الصحفي الكبير الأستاذ محمد حسين هيكل، وهو الذي يشير بما يصح أن يُنشر، والذي يجب أن يُحذف.
يسري فوده: أما زوجته وأولاده فلم يعلموا شيئاً عما حدث، قيل لهم صباح إلىوم التإلى إن أباكم سافر إلى الصعيد، اذهبوا إلىه هو في انتظاركم.
جمال عبد الحكيم عامر: طبعاً رحنا البلد لقينا طبعاً الدنيا مقلوبة، الحراسة من أول البلد لآخرها لغايت البيت جوه، الدنيا مستفة عساكر وبتاع، مافيش حد خالص، الناس طبعاً قاعده في بيوتها مش قادرة تيجي، هم طبعاً منعوا أي حد يشوف الجثة أو جسمانه خالص
يسري فوده: أنت طلبت أو الوالدة طلبت إنه تشوفوا؟
جمال عبد الحكيم عامر: لأ إحنا طلبنا.. أنا طلبت يعني، طبعاً منعونا تماماً إن حد يشوف الجسمان
جمال حماد: العزا لم يكن فيه أحد إلا محافظ،الإقليم، وبعض ضباط المباحث، لأن كل الناس طبعاً في.. من شدة الخوف.. في خوف، و.. وأُغلق القبر عليه ثم وضعت حراسة عليه بجنود بالرشاشات لمدة ثلاثة شهور.
مصطفى عامر: بعد موت المشير بشهر طلبوني في المكتب،طلعت.. نعم، قالوا لي حصل كذا وكذا، وبتاع.
يسري فوده: حصل إيه؟
مصطفي عام: إن المشير انتحر، والكلام الفاضي ده.
يسري فوده: قلت لهم إيه؟
مصطفي عامر: هأقول لهم إيه؟! قلت لهم المشير ما ينتحرش،قالوا لأ دا انتحر، طيب انتحر.
جمال عبد الحكيم عامر: هذه المجموعة تولت هذه العملية تماماً، وعلى.. بقيادة.. رئاسة فوزي مع أمين هويدي، مع الناس اللي هي كات موجودة دي، اللي هي قعد بعد كده كل ما تفتح سيرة هذا الموضوع، إن عبد الحكيم عامر قتل، ييجي لهم انهيار عصبي، أنتوا أيه اللي مزعلكوا لما نفتح هذا الموضوع؟! إحنا المفروض إحنا اللي نبقى ثايرين مش أنتوا، يعني الوضع معكوس، فهل دا نتيجة تأنيب ضمير؟! ولا إن مش عايزين الموضوع يتفتح؟ ولا عايزين كل واحد يتكلم تفقلوا بقه؟ مش هيتقفل بق حد، هنتكلم وهنقول اللي إحنا عايزينه.
يسري فوده: يبقى عام 67 جاثماً على صدورنا إن كنا نريد أن نتعلم من الدرس، وتبقى الشكوك في ملابسات موت هذا الرجل جاثمة على صدورنا إن كنا حقاً نحتاج إلى أن نتعلم من الدرس. ضاعت الأرض، وقيل لنا لم يكن بأيدينا فصدقنا، وأُذل الرجال وقيل لنا لم يكن بأيدينا فصدقنا، وانكسرت كرامة العرب وقيل لنا لم يكن بأيدينا فصدقنا، لأننا حينئذ كنا نريد أن نصدق، لماذا ينبغي علينا اليوم أن نصدق، ولماذا ينبغي للحقيقة أن تضيع مع كل هذا الذي ضاع، يا أخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين مُعلق أنا على مشانق الصباح، وجبهتي بالموت محنية، لأنني لم أحنيها حية
.

السبت، يونيو 16، 2007

الرئيس جمال عبد الناصر يحضر فرح اخو المشير عامر



مصطفى عامر وعبد الحكيم فى استقبال عبد الناصر



الحاج على عامر يصافح الرئيس عبد الناصر


العروسين

الجمعة، يونيو 08، 2007

ثورة الطين قصدية لا حمد مطر


وضعوني في إنـاءْ
ثُمّ قالوا لي : تأقلَـمْ
وأنا لَستُ بماءْ
أنا من طينِ السّمـاءْ
وإذا ضـاقَ إنائـي بنمـوّي
..يتحطّمْ !
**
خَيَّروني
بَيْنَ مَوتٍ وَبَقاءْ
بينَ أن أرقُـصَ فوقَ الحَبْلِ
أو أرقُصَ تحتَ الحبلِ
فاخترتُ البقـاءْ
قُلتُ : أُعـدَمْ.
فاخنقـوا بالحبلِ صوتَ الَببَّغـاءْ
وأمِـدّوني بصمـتٍ أَبَـديٍّ يتكلّمْ !

نهاية المشروع لاحمد مطر

نهايـة المشروع
قصيدة لا حمد مطر

أحضِـرْ سلّـهْ
ضَـعُ فيها " أربعَ تِسعا ت "
ضَـعُ صُحُفاً مُنحلّـهْ .
ضـعْ مذياعاً
ضَـعْ بوقَـاً، ضَـعْ طبلَـهْ .
ضـعْ شمعاً أحمَـرَ،
ضـعْ حبـلاً،
ضَـع سكّيناً ،
ضَـعْ قُفْلاً .. وتذكّرْ قَفْلَـهْ .
ضَـعْ كلباً يَعقِـرْ بالجُملَـةْ
يسبِقُ ظِلّـهْ
يلمَـحُ حتّى ا للا أشياءَ
ويسمعُ ضِحـْكَ النّملَـةْ !
واخلِطْ هـذا كُلّـهْ
وتأكّـدْ منْ غَلـقِ السّلـةْ .
ثُمَّ اسحبْ كُرسيَّاً واقعـُـدْ
فلقَـدْ صـارتْ عِنـدَكَ
.. دولَـهْ !

الأربعاء، يونيو 06، 2007

الحرية


اعشقك فأنت روحى مهما رفضوك
اهيم بك مهما زادت جروحى فيك
يطرب اذنى اغانيك
ويريد قلمى تلاقيك
وقلبى لا يبرح يناجيك
والليل مهما طال فسوف لن يغطيك
سعى الاقدمون كى ينالوك
وكثير من العشاق يهيمون حبا فيك
صنعوا لك فى فرنسا هدية تمثال يعلو نيويورك
ولكن حكامنا وحكام امريكا يبغضوك
حياك الله وانا احييك
فمتى احلق فى سماءك يا حرية

الحلقة الاولى من برنامج سرى للغاية الجزء الاول

حلقة قناة الجزيرة عن مقتل الرجل الثانى ( المشير عامر ) من قناة الجزيرة
الجزء الاول
جمال عبد الناصر: أرجو أن يعرف المجلس الموقر أن هذا الموضوع بالنسبة لي مشحون بمشاعر لا أستطيع مواربتها، وقبل أي شيء وبعد أي شيء الإنسان أولاً وأخيراً إنسان، في هذه العملية فقدت أقرب الناس لي وأقربهم على الإطلاق ولكن حينما وصل الموضوع إلى الجيش وإلى القوات المسلحة وبأن إن إحنا داخلين في حرب أهل
ية وهناك خطر انقسام كان لابد لي أن آخذ قرار
عبد الحكيم عامر: أحييكم وإنني لسعيد أن تتاح لي هذه الفرصة لأجتمع بكم مرة أخرى.
يسري فوده: كان العام عامًا حزينًا ربما أكثر الأعوام حزنا في تاريخ مصر، انكسرت هيبة العرب ضاعت الأرض وتراجعت الكرامة، لكن حزني وحزنك حزن العرب جميعًا في كفة وفي الكفة الأخرى حزن رجل بعينه خرج من هذه القرية الصغيرة في صعيد مصر كي يصل إلى أعلى مراتب الحكم كي يقوده قدره في النهاية إلى أن يموت بحسرته فيما يراد لنا أن نعتقد أنه انتحار، تمر السنون وتندمل الجراح وتسكن الأحزان، ولكن الشكوك في ملابسات موته تشتعل كل يوم.
اللواء/ مصطفى ماهر (منسق لجنة كتابة التاريخ): لقد طالب المشير عبد الحكيم عامر أن يحاكم، لماذا لم يحاكم، لأنه من المعروف أن القيادة السياسية والقيادة العسكرية كانوا مندمجان مع بعض.
صوت/ عبد الحكيم عامر: وإن أهدافنا كلها واحدة وزعامتنا واحدة ونحن نسير في طريق واحد، جمال عبد الناصر أمامنا ونحن من خلفه في سبيل تحقيق الأهداف العليا..
اللواء/ مصطفى ماهر: عبد الحكيم عامر وجمال عبد الناصر أخين وصديقين وبينهما محاورات خاصة كثيرة، لا نعلم
ها نحن، ما الذي اتفقا عليه، يعني حتى قرارات التي اتخذت في 67 لا تنسجم مع محتويات هذه التقارير، فقد حصلنا على كل هذه التقارير.
سامي شرف (مدير مكتب جمال عبد الناصر للمعلومات): اتصل شمس بدران بالرئيس جمال عبد الناصر وطلب منه التوجه إلى مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة، فالرئيس عبد الناصر استفسر منه قال له يعني عاوز أيه.. عاوزني.. عاوزين مني أيه، قال له لا تعال إلحق عبد الحكيم عاوز ينتحر، الريس عبد الناصر توجه إلى مبنى القيادة فورًا، وراح شاف منظر يعني ما يسرش يعني..
يسري فوده: أي اللي شافه؟
سامي شرف: انهيار.. انهيار كامل.
جمال حماد (من الضباط الأحرار): الريس عبد الناصر بيقول له إحنا الاثنين يعني ضيعنا البلد حاجة زي كدة، أو ضحكنا على البلد، إحنا الاثنين ضحكنا على البلد، وإحنا الاثنين لازم نمشي، فالمشير قال له أيوه تمام كلامك صح، فقال له طيب نجيب مين، فالمشير قال له شمس بدران
سامي شرف: 3 الصبح كلمني شمس بدران في التليفون قال لي أنت قاعد عندك بتعمل أيه، قلت له أنا بأشتغل قال لي يا شيخ قوم رَّوح، فطبعًا أنا بلغت الريس، قلت له يا ريس شمس بدران كلمني دلوقتي وبيقول لي كذا، قال لي الله هو أول قرار خذه إنه..
يسري فوده: يعزلك.
سامي شرف: إنه يعزلك، ودي كانت أول مرة أعرف إن هم اتفقوا على أن شمس بدران يبقى هو رئيس الدولة.

قرار التنحي بعد هزيمة 67 وخداع عبد الناصر
يسرى فودة: كان عبد الحكيم عامر مساء الخميس الثامن من يونيو / حزيران عام 67 في مقر قيادة القوات المسلحة، يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فيما كان جمال عبد الناصر يتصل من منزله بعقله الإعلامي محمد حسنين هيكل كي يكلفه بصياغة خطاب التنحي، جاءه الرجل صباح اليوم التالي بخطاب عاطفي غيَّر فيه عبد الناصر سطرين، غيَّر أولاً أنه على استعداد لتحمل نصيبه من المسؤولية إلى أنه على استعداد للتحمل المسؤولية كلها، وغيَّر ثانيًا اسم الرجل الذي اقترحه عبد الحكيم عامر كي يخلفه دون أن يخبره ودون حتى أن يخبر المرشح الجديد فيما وصفها بعض نقاد الزعيم الراحل بأنها خديعة أبو موسى الأشعري
صوت/ جمال عبد الناصر: فلقد كلفت زميلي وصديقي وأخي زكريا محيي الدين بأن يتولى منصب رئيس الجمهورية.
يسري فوده: هل حزم حقائبه ووضع البيجامة ووضع...
سامي شرف: أيوة نعم، أنا كلمت زوجتي قلت لها جهزي أودة النوم بتاعتنا، النهاردة الرئيس هيبات فيها، كان عازمًا ومصرًا ومصممًا على التنحي، قلت له هتبات فين قال لي هبات عندك، أيه يعني مشكلة هبات عندك، ومراتي أهي موجودة حية ترزق أسألوها، هاتوها أسألوها، قلت لها جهزي أودة النوم بتاعتنا النهاردة الريس بايت عندنا.

صوت/ جمال عبد الناصر: إن قلبي كله معكم.. وأريد أن تكون قلوبكم كلها معي، وليكن الله معنا جميعًا.
يسري فوده: لم يعد عبد الناصر كما قال إلى صفوف الجماهير ولم يبت ليلته في منزل سامي شرف، عبد الحكيم عامر هو الذي تطوع بعد استقالته بالإقامة في منزل أحد مساعديه.
جمال عبد الحكيم عامر (أكبر أبناء عبد الحكيم عامر): يعني طبعًا كلنا كنا معتبرين إن.. إن الرئيس ووالدي دول يعني مفيش.. ما بنفصلش بين الاثنين، في المرحلة ديه في أي حاجة وطبعًا كان في التنحي دا كنا في البيت، كأسرة موجودين وهو ما كانش موجود في البيت ما أعرفش كان فين في هذا الوقت، لكن طبعًا إحنا كان رد فعلنا إحنا كلنا انفعلنا جدًا وأخواتي عيطوا.
جمال حماد: فهو فوجئ إن البيان بتاع عبد الناصر خالي من الإشارة إلى وضعه، وبعدين بعت ناس الإذاعة فجم قالوا له دا ممنوع الدخول فهو أعتقد بقى إن شامي شرف منع دخول الناس إلى الإذاعة بما فيهم عبد الحكيم عامر، فراح ماسك التليفون وماسك سامي شرف وهات يا زعيق لسامي شرف.
سامي شرف: مين النهاردة سين من الناس رئيس دولةX ) ) بيعلن تنحيه أو استقالته ويقول أنا استقلت أنا ورئيس مجلس الأمة ورئيس مجلس الشعب والقائد العام للقوات المسلحة؟!
يسري فوده: لأ مش هيقول يا أفندم، بس نظريًا هذا سليم، لكن عمليًا حضرتك حتى نفسك قلت إنهم كانوا شخص واحد، كانوا مكرر، كنت بتجيب قميصين لده ولده.. الوضع خاص جدًا يا أفندم.
سامي شرف: دا خطاب رسمي.. يا أخ يسري يا أخ يسري، لأ، تفرق كثير قوي قوي قوي، دا خطاب رسمي معلن للعالم، رئيس دولة بيتنحى، رئيس دولة بيتنحي، ما بيجيش يقول لك أنا متنحي أنا والقائد العام!!
جمال حماد: فعبد الناصر قال له يعني اهدأ وبتاع يعني أهدأ بتاع وهيذاع في نشرة الأخبار، فأذيع في نشرة أخبار الساعة 11 وديه كانت آخر نشرة، وأذيع في آخر فقرة في النشرة.
حسين الشافعي (نائب الرئيس جمال عبد الناصر): طب إزاي هذا القائد وهذا الزعيم يبقى حواليه مثل هذا الجو، وتقدمت له وسلمت عليه بشدة وقلت له شد حيلك يا ريس، واعتبر إن الثورة قامت النهاردة، قال لي بقى بعد 15 سنة غُلْب تيجي تقول لي اعتبر الثورة قامت النهاردة، قلت له إحنا النهاردة يعني أحسن مما كان عليه الوضع لما قمنا في 23 يوليو ميت مرة.
عبد الله إمام (الاتحاد الاشتراكي سابقًا): بدأ عبد الناصر يتحرك على هذا الأساس، على الجانب الآخر بدأ عبد الحكيم عامر يستقطب أو بدأ الذين يخافون من المساءلة أو قيادات الجيش أو غيره يخافون من.. يلجؤوا إلى عبد الحكيم عامر كي يجد لديه المظلة التي تحميه .
جمال عبد الحكيم عامر: جم بقى منفعلين جدًا فهو طلع خطب فيهم وقال لهم يعني.. ابتدا يهديهم ويعني أنا مش هتخلى عنكم وهم كانوا مصرين إن هو لازم ينزل معاهم ويلبس بدلته ويروح على القيادة، فطبعًا يعني بطريقته برضو اللي هي قدر إن هو يعني يضحك عليهم، ويهديهم وقال لهم روحوا على القيادة وأنا جاي..
يسري فوده: أنا جاي ثاني يوم
جمال عبد الحكيم عامر: لأ على طول.. أنا جاي وراكم على القيادة، يا إما تيجي معانا دلوقتي يا مش هنمشي
جمال حماد: وراح عثمان نصار مع بعض اللواءات والأفرقة إلى منزل عبد الناصر عشان يدوله العريضة، فقابلوهم هناك السكرتارية وقالوا لهم إن عبد الناصر تعبان وهو بيرجوكم تيجوا في المساء، واخد بالك؟ ليه بيقولوا في المساء؟ ليه ولأن قبل المساء في نشرة 2 ونص إعلان تعيين الفريق أول محمد فوزي وبعدين في نشرة 5 إحالة كل الناس ديه إلى المعاش.
سامي شرف: لعلمك الريس عبد الناصر كان أستاذ في التحركات، درِّس لي أنا تحركاته وأنا ضابط صغير قبل الثورة، وكان أستاذ في المخابرات.. علم المخابرات، وكان أستاذ في التوازنات.. يعني كان يستطيع أن يحسب بدقة جدًا إزاي التوازنات تمشي.
جمال عبد الحكيم عامر: وإحنا فوجئنا في يوم إنهم سحبوا الحراسة بتاعته، وبدلوها بحراسة ثانية فطبعًا كان قراره إنه رفض الحراسة دي، يا ترجعوا لي الحراسة بتاعتي يا أنا مش عايز حراسة، فطبعًا هو حس بنوع من الغدر.
جمال حماد: وبعدين بقي عبد الحكيم عامر في هذا الوقت فات على عبد الناصر، في نفس الوقت اللي فيه الضباط مجتمعة، في القيادة.. فات عليه وهو لابس مدني، وقال له أنا رايح أصطاد، هو كان برضو نوع من أيه.. من أنواع اختبار نوايا عبد الناصر، قال له كدة هتسبني يا حكيم، هتسبني لوحدي يا حكيم وأنا محتاج لك ومش عارف أيه وبتاع، فأدرك إن ليس في خاطره اطلاقًا إن هو يجيبه ثاني القيادة.. القوات المسلحة، وعندئذ بقى قرر السفر إلى أصطال.
يسري فوده: في طريق عودته إلى جذوره ي الجنوب، إلى بلدته أصطال في صعيد مصر، لابد أن أفكارًا كثيرة وأشباح كثيرة عبرت إلى ذهن من كان حتى أيام قليلة خلف قائد أكبر الجيوش العربية، لأول مرة تذيع قناة عربية هذه الوثيقة التي نشرتها عام 67 مجلة (لايف) الأميركية، نقول أنها ترجمة لوصية كتبها عبد الحكيم عامر قبل وفاته بأسبوع يقول فيها: "أصبح من الواضح منذ التاسع من يونيو أنه سيكون عليَّ أن أواجه الواقع المر بأن أحمل مسؤولية إرسال عشرات الآلاف من ضباط ورجالنا إلى معركة فشلنا في أن نحسب حسابا نتائجها بعناية.
ولا يكفي أن يقول واحد منا إنني على استعداد لتحمل المسؤولية كلها، ذلك أن تحمل المسؤولية يتم عندما يشرح الشخص المسؤول للشعب كيف اتخذت القرارات التي أدت إلى تدمير جيشنا، وإلى إلحاق الكارثة بنا ومن الذي اتخذ هذه القرارات وما هي الاعتبارات والحسابات التي أجريت".
مصطفى عامر (شقيق عبد الحكيم عامر): لأ، أخاف عليه من أيه أنا كنت مودي له 100 راجل من هنا حوالين البيت، لأنه رشح أظن زكريا محيي الدين فبعثوا شوية عيال وبتاع ويعني يضربوا البيت بالطوب بتاع زكريا، ويعمل عليه هيصة وكده، فإحنا طبعًا ما نستحملش الكلام ده فوديت أنا رجالة من هنا.. من أهلنا يعني حرسوا البيت، علشان ما حدش يجينا واللي يجينا وهو حر بقى.
يسري فوده: أدرك عبد الناصر أن بقاء عامر بعيدًا عنه قد لا يكون في صالحه، أرسل له صلاح نصر ثم عباس رضوان ثم محمد حسنين هيكل وكان على اتصال دائم به.
جمال حماد: صلاح نصر ركب الطيارة ونزل في مطار المنيا وراح مع المحافظ وخذه وراح على بيت عبد الحكيم عامر، وقال له بقى إن الرئيس باعتني لك برسالة إنك أنت ترجع لتبقى نائب أول زي ما كنت لرئيس الجمهورية، قال له والقيادة العامة قال له لأ القيادة العامة خلاص، هو بقى حتى أقاربه نفسهم.. أهله قالوا له اقبل وانحنى للعاصفة.
مصطفى عامر: كان بيقول له أنا.. أنا سمعته وبيقول له أنا بيني وبينك ساعتين ونصف أقصى حاجة، يعني أي حاجة آجي، دوكها لأ، دوكها عاوزه على طول موجود، يعني خايف من القوات المسلحة، تحصل منها حاجة.
يسري فوده: كان خايف من القوات المسلحة أو من المشير؟!
مصطفى عامر: لأ، المشير لو عاوز كان في ثواني.. كان في ثواني.
يسري فوده: عاد عبد الحكيم عامر أدراجه إلى قاهرة تغيرت ملامحها في عينيه، لكنه بناء على تجارب سابقة كان لا يزال مقتنعًا بأنه سيعود إلى القوات المسلحة،
حسين الشافعي: ولذلك أنا اتصلت بجمال عبد الناصر، وقلت له لو عبد الحكيم رجع في أي موقع لأنه طبعًا مش تحاملاً على عبد الحكيم، لأ، بما يحدثه من رد فعل وأثر على النظام، قلت له لو رجع في أي موقع أنا مش هأشتغل معاه.

عبد الحكيم عامر وحقيقة الانقلاب على عبد الناصر
جمال حماد: وبعدين الضباط كلها اللي همّ خايفين من الاعتقال كلهم جم عنده زي حمزة البسيوني وزي عثمان نصار وزي جلال هريدي بتاع الصاعقة، وكل دولا كانوا عنده، ودي كان.. يعني أُخذ عيه هذا الموضوع أنك أنت ليه عملت كده؟ هو بقى يعني كان مش قادر يقول لهم امشوا، هو يعني راجل أصل عنده..
كان عنده نبل في الأخلاق.
جمال عبد الحكيم عامر: إزاي وهو يتخلى عنه، يسيبهم عشان يحطهم في السجن، وبأي جريمة؟ ده جلال هريدي راجع من الأردن بعد وقف إطلاق النيران بحرب وعَّدى من خطوط الأردن ورجع على مصر، رجع يادوبك روح بيتهم لقى قوة بتهاجم بيته نط من الشباك وجرى في الشارع حتى ما كانش لابس هدومه، يعني الراجل.
يسري فوده: وجاء لكم على البيت؟
جمال عبد الحكيم عامر: وجاء على البيت، هيقول له: روح سلم نفسك، ما كانش دا.. وبعدين كان فيه LINK مفتوحة مع الريس، يعني خصوصًا الموضوع ما هواش يعني.. مش ناس خارجين على القانون ولا غيره، يعني الريس عبد الناصر جه البيت عندنا في وجود الناس دي.
سامي شرف: ابتدت البلاغات تيجي سنة 67، بعد يونيه 67 إن فيه مؤامرة وفيه داخل فيها المشير عبد الحكيم عامر وضباطه وبتاع، عبد الناصر مش مصدق.
جمال حماد: ابتدى الضباط اللي حوليه يوحوا إليه إن أنك أنت ما تقعدش ساكت، لأنه عثمان نصار قال له: الله، هو أنت هتفضل كده ساكت، ما هو يا إما تعمل حاجة يا إما إحنا بقى نفضها ونمشي، على طول كده قالها له أحد أمرين يعني، لكن هنفضل كده إيه يعني آخرتها إيه؟ فابتدوا بقى يضعوا خطة.
حسين الشافعي: إنها كانت يعني يتتركز على أساس إنه المخابرات بتعد مجموعة من الأفراد بأسلحة يعني متفوقة، ويروحوا على بيت عبد الحكيم يأخذوه، ويصلوا به إلى كتائب الصاعقة في أنشاص، ويطلعوا من أنشاص على مركز القيادة في الإسماعيلية، وبقى كانوا عمَّالين يدوروا على من يقود الفرقة الرابعة المدَّرعة.
سامي شرف: وصل للرئيس جمال عبد الناصر ورقة بخط يد المشير عبد الحكيم عامر، وطبعًا خط يد المشير عبد الحكيم عامر مش هيغفل عنه لا الرئيس ولا أي حد من المسؤولين، وكانت مكتوبة على ورق مسطر ورق كراسة مش فلوسكاب، ورقة كراسة بتاعة مدرسية مكتوبة بالقلم الجاف الأحمر أمر تحرُّك بتاع خطة تنفيذ الانقلاب بخط أيد المشير عبد الحكيم عامر، وحدد فيه أسلوب التحرك، ومكانه، وساعته، ومن المسؤول عن كذا وعن كذا.
حسين الشافعي: فالأول: حاولوا إنهم يتصلوا بعبد المنعم واصل، فهو بقى يعني.. يعني يتفادي هذا الاتصال وبعدين وقع اختيارهم على واحد اسمه سعد عثمان، وبعدين برضو ما لقوش إلا في النهاية إنهم يمسكوا الفرقة إلى شمس بدران، ويطلع لوا من الفرقة بمطالب معينة يقدمها لجمال عبد الناصر.
اللواء/ مصطفى ماهر: وكانت شروطه لا تتعدى عدم محاكمة الضباط في حرب 67، لأنه كان يعلم في قرارة نفسه أنهم براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وأن القوات المسلحة كلها بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب من هذه التي يسمونها نكسة، وهي ليست بنكسة، هي مجرد
هزيمة. معركة هُزمنا فيها مثلها في ذلك كمثل معركة أحد.
جمال حماد: وإذا لم يستجب له فيزحف على القاهرة بقوات يرسلها إلى القاهرة، دي كانت خطة معمولة إنها هتنفذ يوم 27 أغسطس.
سامي شرف: عبد الناصر مش مصدق قال لي: ما تتسرعوش.. ما تتسرعوش، عايزين دليل مادي، وبلاش اندفاع، ثقة كان يعني أكثر من ثقة، شوف نقِّى كلمة، اختار كلمة أكبر من كلمة ثقة، سميها عيب، سميها ميزة، سميها ما تسميها.
هذه كانت هي العلاقة أو هذا هو تصنيف وتوصيف العلاقة بين الرجلين، أنا بأسميها صفة التوأمة.
جمال عبد الحكيم عامر: هو طبعًا يعني أنا كان حديثه معايا إن هو مستعد يتحمل المسؤولية تمامًا، مستعد للمحاكمة، طبعًا هو عارف إن مش ممكن هتحصل محاكمة، لأن طبعًا هو يعني ارتباطه بالرئيس جمال عبد الناصر والوضع الحساس اللي هو كان فيه المركز الكبير ده، كان لا يسمح له إن حد يحاكمه، يعني هو أنا ما أعتقدش كان في.. فيه بديل آخر غير إنه يُقتل يعني، لأنه مش هيسبوه قاعد كده.
يسري فوده: هو عبر لك إنه مستعد للمحاكمة؟
جمال عبد الحكيم عامر: هو قال لي أنا مستعد أتحاكم، أنا مستعد أتحاكم وأتحمل المسؤولية تمامًا، وطول عمري بأواجه المواقف، ودي حاجة معروفة عنه، وهو كان زي ما بأقول لك، هو كان قاعد في الصالون يعني قاعد الطبنجة حاطتها تحت الشلته جمبيه، يعني هو حاسس إن هيحصل غدر، يعني لازم يعني حاسس بالغدر والخيانة.

خطة عبد الناصر لتحديد إقامة عبد الحكيم عامر
يسري فوده: أحكم عبد الناصر قبضته على وزير الحربية شمس بدران ورئيس المخابرات العامة صلاح نصر المقرَّبين من عبد الحكيم عامر المستقيل، ووضع سلطاتهما معًا بين يدي رجل واحد هو أمين هويدي، يعترف هذا بأنه حتى قبل تفاقم أزمة الضباط بأسابيع طويلة كان الرئيس -بإيحاء منه- قد اتخذ قرارًا بتحديد إقامة عبد الحكيم عامر.
أمين هويدي (وزير الحربية/ رئيس المخابرات -سابقاً): أنا كنت قاعد في مكتب سامي، ودخل اثنين ضباط، وقالوا: فيه خبر كويس جدًا إحنا نقدر نجمع 150 دبابة نستخدمهم في الدفاع لو حاولت إسرائيل العبور إلى البر الغربي للقناة، كنا إحنا تعرف.. ده إحنا كان عندنا مئات الدبابات، راحوا فين؟ لا يصلح كل هذا الكلام إلا لما القيادة تتغير. لازم المشير يتغير.
يسري فوده: حضرتك كنت تطالب بعزل المشير.
أمين هويدي: ساعتها آه، واللي ما كانش يطالب يبقى.. يبقى.. يبقى ما لوش حق، أنا وأنا موجود سامي اتصل بالتليفون، الريس طلبه في التليفون فقال ده أنا جنبي السيد أمين هويدي بيقول كذا..كذا..كذا، لم أسمع تعليق الريس، وانتهى الوضع على هذا الكلام، بعد يومين أو ثلاثة سامي اتصل وقال إن الريس وافق على إن المشير عبد الحكيم عامر تتحدد إقامته.
يسري فوده: ألقى عبد الناصر بصديقه عامر إلى مثلث أضلاعه وزير الحربية أمين هويدي، ووزير الداخلية شعراوي جمعة، وسكرتيره للمعلومات سامي شرف، مثلث مهمته مصير المشير عبد الحكيم عامر، كانوا يلتقون في هذا النادي تحت جنح الظلام يُخططون لما كلَّفهم به جمال عبد الناصر.
سامي شرف: كل يوم كان بيتعرض على الرئيس الخطوات والأفكار والمقترحات اللي كنا بنصل إليها، وكان بيعدِّل فيها وبيصِّوب فيها، لغاية قبل تنفيذ الخطة بـ 48 ساعة الريس كلفنا بأن إحنا نلتقي بالسيد زكريا محيي الدين.
أمين هويدي: فرحنا إحنا الثلاثة مع بعض للسيد زكريا محيي الدين، وعرضنا له ما أسميناه في تلك الفترة (خطة جونسون)
يسري فوده: خطة جونسون.
أمين هويدي: جونسون، كانت الخطة الأول إن إحنا كنا نمسك المشير وهو راجع بالليل من مصر الجديدة للجيزة نوقفه في شارع صلاح سالم
يسري فوده: كمين؟
أمين هويدي: كمين ونمسكه، رجعنا عن هذا الموضوع، لأن خشينا إن يكون حد موجود بالليل، يحصل Clashes، يحصل ضرب نار.
سامي شرف: واتفقنا على الخطة النهائية اللي هي إن الريس هيتصل بالمشير عبد الحكيم عامر، ويدعوه إلى تناول العشاء معه يوم الجمعة 25 أغسطس في منشية البكري.
جمال عبد الحكيم عامر: أنا أبويا ما كانش يخاف يعني على نفسه حاجة، يعني كان راجل جريء يعني حتى كان طريقة.. كل ما أفتكر طريقة مواجهته للموقف طبعًا كانت غريبة جدًا إن واحد في هذا الموقف ما كانش مهزوز ولا هو خايف، يعني الواحد شاف بهوات يعني وناس بتعيط وبتنوح، ومش هأقول لك بيملوا إيه يعني.
مصطفى عامر: يعني ما يعرفش الخوف إطلاقًا، حاسة الخوف دي يا ريت كانت عنده كان عمل حسابه شوية، لكن ما كانش حاسة الخوف دي مش موجودة عنده نهائي.
يسري فوده: حضرتك قلت لي قبل التسجيل إنه يستاهل اللي جرى له؟
مصطفى عامر: لأ، دي معلش دي..!! يعني ما كانش المفروض ما كانش يآمن له الأمان ده كله يعني.
جمال حماد: لأنه كان جاء له بقى مكالمة تليفونية، وكلمة بقى يا حكيم. نتعشى مع بعض وبتاع وكلام زي ده، وأوحى إليه إن همَّ يعني احتمال كبير جدًا يروحوا مع بعض مؤتمر الخرطوم، هو بقى كان منشرح جدًا بعد المكالمة لدرجة إنه راح للضباط اللي معاه، وقال لهم: يا جماعة، الغي كل الكلام اللي إحنا قلناه.
جمال عبد الحكيم عامر: وكان قاعد معاه عم حسن وشمس وجلال هريدي، وأفتكر عباس رضوان، وكان الحديث بيدور إن هو رايح العشا والريس يعني بيقول له تعال.
سامي شرف: بعد صلاة الجمعة إحنا عقدنا اجتماع أخير مع الريس إحنا الثلاثة، وقلنا له كلام سيادتك وكلام محيي الدين، ماكناش بنتبادل تليفونات في هذه المسائل، يعني كان كلها لقاءات شخصية مباشرة، اتفقنا مع الرئيس على ترتيب منشية البكري في الداخل هيبقى شكله إيه، مين هيبقى موجود ومين مش موجود.
جمال عبد الحكيم عامر: وطبعًا همَّ قفلوا المكتب، يعني قاعدين في المكتب، وطبعًا سمعنا نوع من الحدة يعني في الحديث، صوت عالي وبتاع إن هو يعني حاولوا يثنوه عن إن هو يروح، طبعًا كل محاولاتهم انتهت بالفشل، يعني إنه متمسك برأيه.
يسري فوده: في مساء الجمعة والخامس والعشرين من أغسطس / آب عام 67 استدرج عبد الناصر صديقه حكيم إلى ما كان يظن هذا أنه عشاء المصالحة، ولم يكن يدري أن خطة محكمة كانت على وشك التنفيذ في منزلين في آنٍ معًا، أحدهما منزله وثانيهما: المنزل الذي كان في طريقه إليه.
حسين الشافعي: يعني أنا اتصل بيَّ محمد أحمد، وقال لي يعني. يعني مطلوب إن إحنا نكون موجودين يوم 25، همَّ ما كانش مطلوب منه إن هو يدي أي تفاصيل، لأن الموضوع كان يعني تحيطه سرية تامة.
سامي شرف: بنطلع من عند الريس بعد ما اتفقنا على مكتبي، شعرواي جمعة وأنا بنستدعي الفريق أول محمد فوزي واللوا محمد أحمد صادق (مدير المخابرات الحربية في ذلك الوقت)، والعميد الليثي ناصف -كان عميد لسه ما كانش بقي لوا- (قائد الحرس الجمهوري)، واللوا حسن طلعت (مدير المباحث العامة)، وعز الدين عثمان (مدير أمن مكتب.. مدير مكتب أمن رئاسة الجمهورية).
أمين هويدي: كان الفريق فوزي أنا كلفته بصفتي وزير الدفاع يروح على بيت الجيزة، اللي هو كان محل اعتصام الضباط لكي يصفوهم، واديته قلت له : يا محمد خليك على اتصال بيَّ بصفة مستمرة، وقلت لسامي شرف في مكتبه اللي هو على الجانب الآخر من الطريق: يا سامي لو حصل اتصال من فوزي حوله لي على جوه.
سامي شرف: هدفهم أو واجبهم إن همَّ يحاصروا بيت الجيزة، ويعتقلوا كل الضباط الميليشيات المدنية الموجودة بداخل بيت الجيزة، وتفريغ بيت الجيزة من الأسلحة والذخائر اللي موجودة فيه دون المساس.. دون المساس.. دون المساس حط تحتها 100 خط، ودي تعليمات صريحة وواضحة من الرئيس ومنا جميعًا بعائلة المشير عبد الحكيم عامر.
جمال عبد الحكيم عامر: وساعتها همَّ ابتدوا هاجموا البيت بقى على طول يعني في نفس التزامن وفي نفس التوقيت يعني، وجه بقى الفريق فوزي بقى يخوض المعركة الحربية بتاعته، حرر بقى سينا والمدرعات والدنيا والدين، فطبعًا نده على شمس بدران قال له: يا شمس، إحنا قبضنا على المشير، سلموا نفسكم. فقال له: يا فوزي نط من فوق السور.
سامي شرف: في هذه الأثناء كان وصل عربية المشير عبد الحكيم عامر، ودخلت إلى بيت الريس، فبمجرد ما نزل منها المشير تم اعتقال السواق والحرس، وكان معاه الأخ محمود طنطاوي كما توقعت، تم التحفظ عليهم، تم التحفظ على العربية في جراج منشية البكري بتاع الرياسة.
أمين هويدي: ما هو بيت الريس عبارة عن إيه تخش تلاقي صالة، يمين صالون، شمال مكتب، الصالون فاتح فيه أودة السفرة، وفيه دورة مية، اللي كان جوه في الأودة كان الريس عبد الناصر، الله يرحمه، المشير عبد الحكيم عامر، الله يرحمه، أنور السادات، الله يرحمه، حسين الشافعي وزكريا محيي الدين ربنا يديهم الصحة وطولة العمر.
حسين الشافعي: إحنا كنا قاعدين في الصالون، وشوية وهو جه مع عبد الحكيم كان في المكتب، وجه دخلوا علينا في الصالون وقعدوا، فعبد الحكيم طبعًا قال: الله، هي يعني. ده إيه ده، زي مواجهة أو بتاع.
سامي شرف: ودخل جوه، قال الله، دي محكمة بقى، كانت جلسة مسجلة، يعني تم تسجيل هذه الجلسة من مكتبي، قال له: اقعد اتكلم، إحنا ما تعودنا إن إحنا لما يبقى فيه مشكلة إن إحنا بنتكلم. قال له: بس أنت ما قلت ليش إنك أنت داعي..، قال له: أنت مش قيم عليَّ، أنا أجيب اللي أنا أجيبه. المهم ابتدا الريس يسرد مواقف المشير عبد الحكيم عامر منذ سنة 56.
حسني الشافعي: لما ووجه عبد الحكيم بكل هذه المعلومات يعني قال كلمة، قال يعني أنا ما أخونش، وأنا يعني قدمت رقبتي ميت مرة، ويعني فلتكن 101 مرة.
أمين هويدي: أنا سمعت كان مجمل الحديث. الريس بيقول كان بيطالبه بإنه يترك القوات المسلحة، ويكتفي بإنه يكون نائب رئيس جمهورية، عبد الحكيم.. عبد الحكيم رفض رفضاً باتاً.
سامي شرف: و.. وبناءً عليه إحنا يعني خدنا قرار إنك إنت.. محددة إنت إقامتك محددة، فاتنرفز المشير عبد الحكيم عامر وقال دا وضع -ما معناه- هذا غير مقبول وكلام غير مقبول.
أمين الهويدي: قال له طيب بأقول لك على حاجة إنت تقعد في بيتك مؤقتًا لأن الناس مش مستحملة، قال الله يعني تحدد إقامتي، قطع لسانك
يسري فوده: عامر قال لناصر قطع.. قطع لسانك
أمين الهويدي: أيوه.. أيوه.. أيوه
سامي شرف: السيد أنور السادات قال له يا حكيم ما فيش داعي إنك إنت تنكر. لإن كل حاجة ثابتة عليك، وإنت متآمر، قال له أنا متآمر يا كذا ‎، قال كلمة يعني جامدة.
يسري فوده:شتمه يعني.
سامي شرف: شتمه آه.
يسري فوده: شتيمة قذرة.
سامي شرف: أصل الشتيمة مش ممكن تكون لريس ذي ما البعض بيقول لسبب ، قال له أنا متآمر يا بربري يا (ابن الكلب)، مين..، هو عبد الناصر بربري، وهنا يعني.. يعني هي دي اللي.. أنا آسف يعني إن..
يسري فوده: لا.. لأ.. لأ، يعني هذه .. هذه حقائق، هذه وقائع التاريخ يعني
سامي شرف: يعني.. يعني عبد الناصر ما هو.. قال له.. قاله يا بربري يا (ابن الكلب) يا رقاص.
أمين الهويدي: فضلوا في هذا النقاش زي حديث الطرشان، الريس يعيد الكلام وعبد الحكيم عامر على موقفه.
يسري فوده: كان.. كان نبرات الريس أيه؟ منفعلة؟
أمين هويدي: لا..لا..لا..لا دا عبد الناصر، لا..لا، ينفعل إيه.
يسري فوده: عامر كان منفعل؟
أمين هويدي: آه شويه.
سامي شرف: فالفريق محمد فوزي كلمني قال لي يعني هنتأخر يعني بيديني خبر عشان أقول للريس إنه ها يحصل تأخير وعاوز برضو يعني ضوء أخضر يعمل إيه فيما لو إذا...
أمين الهويدي: الريس كان بيخرج أحيانا، و.. وكان يأخدني في إيده ونعدي الصالة على المكتب، يتصل بعباس رضوان من تليفون من الذاكرة، ويقول له يا عباس انهي موضوع بيت الجيزة بسلام عشان ما يحصلش مشاكل.
يسري فوده: اللي هو بيت المشير؟
أمين الهويدي: أيوه.
سامي شرف: فأنا طلبت الفريق فوزي وقلت له، قلت له الريس كلم عباس رضوان، قال لي دا هو وصل أهه. فات حوالي ساعة تقريبًا، وكلمني الفريق فوزي تاني قال لي لا عباس اتصل ولا الناس خرجت وإحنا قربنا على الفجر.

حقيقة محاولة عبد الحكيم عامر الانتحار
حسين الشافعي: فجمال عبد الناصر وطلع في الدور الثاني ومد طوله، وأثناء ما احنا قاعدين عبد الحكيم راح دورة الميه وسمعنا صوت كباية بتتكسر
أمين الهويدي: كاس.. كاس ميه، وعلى.. وعلى طول دراعه قام رامي الكاس، وقال اطلع بلغ الريس إن عبد الحكيم خاد السم عشان ينتحر.
حسين الشافعي: بعتنا جبنا دكتور عشان يدي له حقنه مضاده، وطبعًا هو يعني إنسان قوي يعني ما، فكان محاولة إن إحنا نمسكه إنقاذًا لحياته وندي له الحقنة ما كانتش عملية سهلة.
أمين الهويدي: الريس لقيته واقف لابس الفانلة بتاعته والبنطلون، أيه فيه أيه؟ قلت له: عبد الحكيم المشير انتحر. قال: انتحر؟مش ممكن، قال دا كان حقته ينتحر يوم ما وادنا في داهيه في سيناء.
سامي شرف: واتضح إنه ما خدش حاجة يعني دا حسب.. حسب ما يعني رأه الدكاتره بعد كده و.. الناس اللي كانوا قريبين منه إنه ما فيش أي نوع من أنواع ردود الفعل بتاع إن حد خد أي نوع من أنواع السموم، يعني بتاخد سموم وبتاخد حاجه ضد.. مقيئه لازم يتقيأ ما حصلش، واخد بالك.
حسين الشافعي: بعد هذا الموقف أنا طلعت لجمال عبد الناصر وقلت له. إنت عارف جمال عبد الناصر بقى كان يعني زي أيه خلاص فض إيده من الموضوع، يعني وصل إلى نهاية، لدرجة إن هو يعني ما أبداش أي رد فعل، وكان وشه جامد بلا تعبير.
سامي شرف: الريس وهو فوق فيه خط بيني وبينه مباشر، طلبني قال لي نمرة أودة نوم عبد الحكيم كام، قلت له كذا، فهو طلب رد عليه عباس رضوان في بيت الجيزة، إيه يا عباس إنت ما خلصتش ليه؟ قال له لا يا فندم أنا هأخلص إن شاء الله، قال له طيب النهار ما يطلعش إلا وتكون المهمة انتهت، ومش ها أكلمك تاني.
جمال عبد الحكيم عامر: فيه ناس مش عايزه تسلم نفسها، لكن طبعًا زي ما تقول هو وجود عباس رضوان هو، يعني مفهمهم إنه يعني كده هيبقى أسلم للناس كلها، لأن النهارده الوضع كده المشير النهارده مش موجود واعتقل و.. و حفاظًا على الناس اللي موجودين والأولاد اللي في البيت وعلى حياتكو.
مصطفى عامر: يعني مربطين هم مع بعض إنه المشير لما ييجي هيتحدد إقامته من هنا، وبعدين ساعة الصفر يتقبض علينا كلنا
يسري فوده: وحضرتك اتقبض عليك في الليلة دي؟
مصطفى عامر: طبعًا.
يسري فوده: مين تاني اتقبض عليه؟
مصطفى عامر: اتقبض عليَّ أنا وحسن عامر، وسعد عامر، عامر عامر، ومين؟ وعبد المنعم عامر.
يسري فوده: يعني كل اللي بينتهي اسمه بعامر .
مصطفى عامر: أيوه، إحنا كنا 3 إخوات، وأولاد عمنا.
سامي شرف: حصل بعد كده بقى إن طلع دخان من البيت، بان، ظهر دخان، واتعرف فيما بعد إن دا ورق بيتحرق وحاجات بتتحرق جوه البيت، وعباس رضوان وشمس بدران بيحرقوها في البانيو بتاع أُوضة نوم المشير، ودا اللي أخر عباس عن إن هو ياخد اللي.. يخلص الموضوع.
أمين الهويدي: مش عاوز.. مش عاوز أتابع رجل مخابرات يعني، يعني واحد بيحرق حاجة في البيت ها يحرقوا أيه مثلاً.
يسري فوده: هو الحقيقة أنه فوزي قال إنه شاف دخان
أمين الهويدي: شاف.. شاف حرائق
يسري فوده: شاف حرائق، لهب طالع من...
أمين الهويدي: أنا على طول ربطتها بانهم فعلاً بيحرقوا وثائق قد تدينهم في.. في.. في المستقبل، وبرضو وصيت الفريق فوزي بإن لا داعي.. يصبر، ولا داعي للصدام.
يسري فوده: هل الفريق فوزي هدد شمس بدران أو أي حد من اللي كان بيتكلم معاه من جوه بإنه ممكن يدمر البيت باللي فيه؟
جمال عبد الحكيم عامر: أه هو قال له ها نضرب البيت طبعًا، قال له هنقتحم البيت وهنضربه. شمس اتريق عليه طبعًا؟ هم عارفين بعض يعني، كل واحد عارف نفسه كويس.
سامي شرف: وبعدها أنا وصلت تلاتة، تلاتة ونص كده ابتدت الناس تخرج وسلموا نفسهم، وابتدا الفريق فوزي يلم الذخاير والسلاح وبتاع، وعباها في عربيات، وكل.. راحوا إلى المعتقلات ما عدا شمس بدران راح معتقل القاهرة
أمين الهويدي: لما إدَّى الفريق فوزي خبر بإن البيت اتصفى، وإنه حط عليه الحراسة، وإنه أصبح جاهز لاستقبال المشير، خرج المشير وكان معاه السيد زكريا محيي الدين، والسيد حسين الشافعي ركبوا عربية وكان هذا آخر مرة أرى فيها المشير عبد الحكيم عامر.
حسين الشافعي: طبعًا يعني الجو كان يعني زي التلج، وإحنا ما مشيناش إلا حوالي الساعة 4.30، والضوء يعني أول ضوء بيشقشق، وركبنا ووصلنا في البيت في الجيزة، ..وجِه أحد زوجات بناته، جه قابله، ودي آخر يعني.. يعني فرصة أشوفه فيها. بعد كده ما شوفنا هوش.
يسري فوده: قال لك أيه في العربية؟
حسين الشافعي: ما فيش ولا كلمة.
يسري فوده: عاد عبد الحكيم عامر في الساعات الأولى من صباح السادس والعشرين من أغسطس/آب عام 67 إلى منزله مقطع الأجنحة، مخنوق الحرية، مسلوب الإرادة. دنيا جديدة ألقى به إليها صديق عمره، توأم روحه جمال عبد الناصر عن حقٍ أو عن غير حق - رمى طوبته كما يقول المصريون- ومنح الضوء الأخضر لبعض من أعدى أعداء المشير في حقبه من تاريخ مصر يا ويل من يفقد فيها سلطته.
كانت هذه نقطةً اللاعودة، لكن فصلاً آخر كان في انتظار تلك المأساة الإغريقية، لم يكن يصلح معه إلا أن يختفي المشير عبد الحكيم عامر إلى الأبد.
***
في الجزء الثاني من هذا التحقيق ماذا لو أُتيح لخبير السموم هذا أن يسأل عبد الحكيم عامر.
د. على محمد دياب (خبير السموم بالمركز القومي للبحوث): هو يعني من غير ما أسأله أعرف الإجابة لأنه هو لم يرى من وضع له.. هي الكمية اللي وُضعت له وضعها غالبًا السفرجي اللي جاي من رئاسة الجمهورية لا أحد يعرف من أين جاء، ولا من.. هل هو مخابرات أو غير مخابرات. بلغ الشفطتين دول وانتهى الأمر، يعني ماذا حدث؟ ها يقول لك شربت العصير و.. ودخلت التواليت أو دخل دورة المية وجد نفسه انهيار الجهاز التنفسي، وعلى بال ما رجع سريره كان انتهى
.

عامر وعبد الناصر فى القطار